Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/03/2008 G Issue 12955
الثلاثاء 10 ربيع الأول 1429   العدد  12955
تعسف
سلوى أبو مدين

أردتُ أن أكتب كلمة أقل وقعاً من هذا العنوان، لكني لم أجد بديلاً عنها، بل وجدتها هي الأنسب لطرحي!

صباحٌ قاتمٌ، وربما باهت، يتقدم فيه شاب إلى مدرسة دلة في جدة لأداء اختبار القيادة كي ينال الشهادة. وقبل أداء الامتحان يفاجأ بالعسكري الذي يستقبلهم بترحاب غير معتاد، ويمطر على آذانهم هذه العبارات التي كان وقعها أقسى من الشتاء القارس (لن أُنجح أحداً فيكم اليوم، كلكم راسبون)!!!

يعتقد الشاب أنها كلمات عابرة أو ثرثرة مزاج معكر في ذاك الصباح الذي بدا من أوله قاتماً كالقهوة. يدفع المتقدم ما طُلب منه من مبلغ، وينتظر حين يأتي دوره!

لكن الكلمات التي ثرثر بها العسكري في الصباح الشاحب ما هي إلا حقيقة ليست دعابة أو مزاجاً غير صافٍ، وإنما بالفعل يتربص للفتى ويُرسبه في الامتحان!

الأمر الثاني، كان العسكري يتهكم من لقب الشاب ويلمزه ويهزأ منه..!

وبعد المحاولة الأولى الفاشلة يقرع الأمل باب الشاب للمرة الثانية، ويدفعه لمحاولة أخرى علّها تكون الأفضل والأوفر من سابقتها لنَيل شهادة القيادة..

ولكن..

الحظ التعس متربص للمسكين بالمرصاد، ويدخل الاختبار ثانية، ويكون نفس المُمتَحن له العسكري، نفس الهيئة، نفس الألفاظ، ويرسب المتقدم في الامتحان للمرة الثانية.

تبهت الشوارع وإنارات الطريق.

ويمضي الشاب إلى حيثُ لا يدري، ويسكن جنبات قلبه الإحباط والانكسار!

وثمة أسئلة معتمة بحاجة إلى إجابة قطعية:

هل رسب المتقدم لأن أداءه في القيادة كان ضعيفاً؟

أم تعسف العسكري ومزاجه المتقلب هما السبب في عدم نَيل الشاب رخصة القيادة؟

أم أن الأمرين اجتمعا معاً ليدفع حظه البائس لتجربة ثالثة أخيرة تكون نتائجها وخيمة كأختيها، وتكون الثالثة قد أطفأت بصيص الأمل لديه فيقلع عن هذه الفكرة! ويمزق هذه الصفحة السوداء من ذاكرته.. ويبقى أسير تعسف عسكري يتحكم بمصير نجاحه أو إخفاقه!

هذه إحدى الصور التي تضج بها الحياة، وهذه صرخات متوالية وصلتني عبر الهاتف من الشاب لأنقلها إلى مَن يهمه الأمر، وطلب مني طرحها علّها تجد حلاً لدى المسؤولين!

وأنا على ثقة تامة بأن سعادة العقيد محمد القحطاني مدير مرور جدة لا يقبل بهذا، وأنا أعرفه من خلال عملي السابق في صحيفة المدينة، وهو رجل دمث الخلق، متواضع، ذو ثقافة عالية، ولا يقبل بالتعسف أياً كان!

وأنا بدوري أنقل صدى خيبات الأمل التي نالت من (م) علّه يجد الحل المجدي في أمره لدى سعادة العقيد محمد القحطاني!

وأنا واثقة من رجاحة عقله، وحكمته في تصريف الأمور.. وكلي أمل بأن ينال المخذول رخصة القيادة، وأن يحالفه الحظ في الثالثة.

كما أرجو أن تجد وقفتي هذه صدى لدى إدارات المرور، ووضع قوانين صارمة وجازمة لما يحدث خلف أسوار مدارس تعليم القيادة!




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد