Al Jazirah NewsPaper Tuesday  18/03/2008 G Issue 12955
الثلاثاء 10 ربيع الأول 1429   العدد  12955

رؤية نقدية
إنه الغربال اللذيذ لدى مرشد (العاشق)!!

 

تعاود زاوية (قصائد تتحدى النسيان) حضورها من خلال هذه المقطوعة الحزينة للشاعر الكبير مرشد البذال وتعالوا نبحر مع البذال عندما يقول:

البدو غربال القلوب المشافيق

ياما عديت بدربهم وأتعبوني

غربال (عناء) لذيذ هذا الذي جاء نتاج الفراق أو هكذا استوحيت ذلك من خلال استهلالية الشاعر الكبير مرشد البذال - رحمة الله -. فالقلوب العاشقة وحدها تستشعر اللذة بكل معطياتها حتى في أحلك ساعات الفراق ومشاوير البعد. وأهل البادية بكل معطياتهم الحياتية والسلوكية وقبل ذلك الجمالية هم بلا شك (غربال) لكنه (العناء) المحبب كما في استهلالية البذال هذا العاشق حتى الثمالة!!

ليست كل الطرق تؤدي إليهم وليست كل الدروب توصل إلى الهدف.. فالمعاناة تمتد وتطول حتى تصل إلى تقفي آثارهم التي ظلت بعيدة على مرشد البذال الذي لم تسعفه حاسة النظر واستعان بعاليات الشواهيق (الجبال العالية) لعله يرتوي بعينه ولو من بعيد من خلال اصطياد آخر الضعن.

الإشكالية الأكبر هي هيامهم في الصحراء بحثاً عن الماء والكلاء وهم بذلك لا يزالون (عسوس) حتى الوصول إلى الديار المعشبة وعندها تحط القافلة رحالها ويلتئم الشمل.. في آخر الأبيات سرد حزين وصورة شعرية باكية للحالة التي وصل إليها الشاعر (معاناته) جراء هذا الرحيل (المر) فهو أصبح وحيداً يئن كما يئن المصاب في ساحة الوغى بعد أن ذهب أصحابه بعيداً عنه تركوه في الرمق الأخير لا حيلة له سوى أن يسترق النظرات الحزينة الباكية خلف أصحابه الذين هربوا بعيداً بعد أن رموا كل الأحمال التي تعيق انطلاقتهم نحو دروب النجاة. تركوه ملقى في البيداء في شخانيب الأرض الوعرة التي يسودها الصمت عدا أهازيج الطيور التي تحوم حوله وتزعج الصوت ربما طرباً!!

رحم الله مرشد البذال الشاعر الكبير على هذه المقطوعة التصويرية الرائعة.

محمد الخربوش


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد