Al Jazirah NewsPaper Tuesday  25/03/2008 G Issue 12962
الثلاثاء 17 ربيع الأول 1429   العدد  12962

الغربة وطن
علي أحمد المضواح

 

يا غربة الروح في دنيا من الحجر)..

قالها السياب: شوقاً (لجيكور) تلك القرية البسيطة الهادئة.. قرية (الجياع)..

جيكور، جيكور، أين الخبز والماء؟

الليل دافئ وقد نام الأدلاء؟

والركب سهران من جوع ومن عطش

والريح صَرٌّ، وكلُّ الأفق أصداءُ..

رغم أنه يدرك جوعها حين قال:

وكل عام - حين يعشب الثرى - نجوع

ما مر عام والعراق ليس فيه جوع..

إلا أنه يحبها.. وذاك ما حدثتكم عنه في مقال (انتماء) ذاك سر الانتماء وسريانه في العروق..

(غربة الروح) التي عانقها بل التي عانقته (فخنقته) مع ما خنقه من (البلايا).. أججت فيه لواهب (البعد والحنين).. التي ربما زارت يوماً حتى ولو كنا بين أهلينا!

***

(الغربة) ارتباط بالبعد عن الوطن وهي لا تتعدى هذا فقد كفاها الوطن امتداداً ما امتدت أنفاس الإنسان وتعداها ما تعدى الخيال نطاق المدى.. فثلاثية الزمان والمكان والروح اقترانها وطن وافتراقها غربة..

و(لواعج الغربة) تشكل ربطاً وثيق العرى لاقتراننا بالأشياء وإن صغرت أو قلت.. إلا أن الغريب يصنع له من محيطه وطنا.. فهو يحدث الزوايا.. ويهمس للأركان ويبكي لنوح الحمام.. ويسامر النجوم بعدها.. ويقهر الوقت بتجاوزه تارة والاختباء وراءه أخرى راحلاً بين أمله وذكراه..

***

(الغربة) تصنع (وطناً) ليس كالوطن! لكنه تجاوز للمحنة أو سخرية من المآل أو بكاء..

كما صنعت غربة (الملك الضليل) له من (عسيب) وساكنه وطنا فقال:

أيا جارتا إن المزار قريب

وإني مقيم ما أقام عسيب

أيا جارتا إنا غريبان ها هنا

وكل غريب للغريب نسيب

almdwah@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد