Al Jazirah NewsPaper Tuesday  25/03/2008 G Issue 12962
الثلاثاء 17 ربيع الأول 1429   العدد  12962
أسماء نشطبها
نادر بن سالم الكلباني

يتفقد السجل الذي يحرص عليه، وقد دون فيه أرقام هواتف وصناديق البريد لكل الذين ترتبط حياته وشؤونه بهم، ويضيف أسماء جديدة ظهرت في حياته يظن القادم من أيام لا يعلم عددها إلا الله أن الأمور المشتركة بينه وبينهم ستزدهر وأن المصالح ستتحرك والمنافع التي لا تنحصر بالضرورة في المنافع المادية بل كثير منها يرتبط بالمشاعر والتوافق في الغايات والمسارات ستكثر وتكبر، لكنه يتوقف عند أسماء بقيت ما قدر الله لها أن تبقى مدونة في سجله، كانت يوماً في حياته مليئة بالحركة والحياة، ذهب أصحابها إلى مكان غير المكان وزمان غير الزمان، ويتفجر في نفسه نهر يهدر بالمواقف والذكريات، ويتذكر.. فلان كيف كانت ضحكاته ومداعباته، وكيف كان حرصه أو تفريطه، ويستحضر الكلمات التي كانا يتبادلانها في مداعباتهما أو في مخاصماتهما أو في آمالهما وما ينويان أن يحققاه ويصلا إليه، يأخذه تفكيره لتفاصيل لم يكن يهتم بها عندما كانت الأسماء تنبض بحياة أصحابها، وتتحرك بعنف ضجيجها أو ما تحدثه من أمور تجعل الواقع الذي كان يكون كما كان.. وتسبح في قلبه كلمة أو تشع في روحه ابتسامة أو إيماءة وحركة ترتبط بهذا الاسم أو ذاك الذي لم يعد صاحبه يحدث ما كان يحدثه فقد احتواه سكون له مهابته، سكون غير السكون الذي يُطلب ليرتاح أصحاب الاسماء في دنياهم من تعب أصابهم أو من كلل اعتراهم، سكون لا يحبه ولا يسعى له أحد، يثير في نفسه هذه المشاعر وهذا الحنين فلا يملك وهو يتذكر ما كان بينه وبين من واراهم السكون غير أن يذرف دمعة تستثير ما بقي في عينيه من دموع لتنهمر.

يبدأ بيد ترتعش ونفس تتألم بحنينها وذكرياتها يشطب الأسماء التي تلحف أصحابها بسكون دائم، وكأنه بهذا يقتطع من حياته جزءاً، ويأخذه خياله دون إرادة منه إلى زمان آخر لم يأت بعد، ويرى صديقاً له يفعل ما يفعله الآن، يراجع سجل عناوين وهواتف من ارتبطت حياته بهم، ويمر على اسمه هو بعد أن يكون السكون قد غلف اسمه ليشطبه بعد أن يذرف دموعه عليه، ويسأل نفسه حينها كيف ستكون حال صاحبه وحاله.. فلا يملك غير أن يأمل في ربه خير ما يأمل.. والله المستعان.



naderalkalbani@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد