Al Jazirah NewsPaper Friday  28/03/2008 G Issue 12965
الجمعة 20 ربيع الأول 1429   العدد  12965
آفة الأخبار
عبدالله إبراهيم حمد البريدي

كثير من المثقفين وغير المثقفين حفظوا ورددوا هذا البيت:

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً

ويأتيك بالأخبار من لم تزود

هذا البيت المشهور لو قاله شاعر قبل مائة سنة لتعجبنا من بعد نظر قائله!.. فما بالكم إن كان قائله شاعر جاهلي، أي أنه قد مضى على قوله هذا ألف وخمسمائة سنة إلا قليلاً؟.

إن طرفة بن العبد بقوله هذا كأنه قد عاش في العصر الجاهلي جسداً، وعاش في هذا العصر عقلاً.

فبمجرد ضغطة زر تسمع وتشاهد أحداثاً وقعت قبل ساعات في أقصى المعمورة، وبضغطة زر في جهاز الحاسب تفتح موقعاً أو مواقع إخبارية تمدك بآخر خبر لحدث وقع قبل ساعة أو أقل!.

هذه الأخبار لم تصل إلينا ولا إلى غيرنا بيسر وسهولة، بل بذلت جهود جبارة وصرفت الأموال الطائلة في سبيل الحصول عليها، ومن ثم بثها لأنحاء الأرض، وإن لم يغب عن البال أن الهدف ليس (ابتغاء) الأجر والثواب، فرويترز وأسوشيتد برس، وفرانس بريس وغيرها مما لا أذكره من وكالات الأنباء العالمية لا تسعى إلا لمصالح أو كما يسمى:

(بيزنس الأخباء).

ومن هذه الوكالات وغيرها تستقي وكالات الأنباء المحلية في دول العالم أخبارها، ومعها قنوات التلفزة وغيرها. إلى هنا وكل شيء طبيعي أو كما يقول إخواننا المصريون (10 على 10).

لكن هذه العشرة على عشرة تأخذ في التناقص إلى أن تصل إلى الصفر، بعدما يتلقى بعض الناس هذه الأخبار، ثم يقدمونها لآخرين وقد خالطها بعض الغبش وبعض الزلل، وبعض البهارات التي تقضي أحياناً على نكهتها الطبيعية! وبالتالي تفقد مصداقيتها.

من هذه الأخطاء أو البهارات (القاتلة) للخبر، زيادة أو نقصان في أرقام وردت في الخبر، مثل خبر سمعته من أحد الأصدقاء عن ثروة (بيل غيتس)، وقال إنه سمعه في إحدى القنوات الإخبارية، فكيف نقل هذا (الصديق) الخبر؟.

لقد قال: إن ثروة بيل غيتس وصلت إلى 181 ألف مليار دولار!!!

فهالني الرقم، ولم أتمالك نفسي، وقلت (لرفيقي):

أخي العزيز، أرجو أن تكون لطيفاً في تعاملك مع الأرقام، ولعلك أخطأت في الرقم.

وكنت لطيفاً في مداخلتي.

لكنه لم يقدر الملاطفة، وشن هجوماً، خاطفاً، وقال (لا فض فوه):

أنا الذي سمعت الخبر، ثم إن 181 ألف مليار دولار، ليست كثيرة على بيل غيتس، وهو يملك مصانع سيارات ويملك بنوكاً!!!

فليتني أعلم من الذي أخبر هذا الفلتة أن بيل غيتس يملك مصانع سيارات!!

ومتى يعرف هذا وغيره من محرفي (الأخبار) جهلاً أو عمداً أن المليار يساوي ألف مليون؟

إن التعامل بعنف مع الأرقام ليس وليد اليوم، فقد سمعنا ونحن صغار من يقول: إن عدد سكان الصين مائة ألف مليون!

وسمعنا من يقول: إن مزرعة (فلان) بها أكثر من عشرين مليون نخلة!

وغيرها من أخبار عالمية أو محلية لا تخلو من مبالغات، أو كما أسلفت من تعامل غير لطيف مع الأرقام.صدق من قال: آفة الأخبار رواتها.



al-braidi@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد