Al Jazirah NewsPaper Saturday  29/03/2008 G Issue 12966
السبت 21 ربيع الأول 1429   العدد  12966
من الخطاب الإيدولوجي إلى الأكاديمي.. استفهامات وعلامات تعجب

من أهم المعضلات التي تواجهنا في مسارات وطرق تعاملنا مع واقعنا السياسي العربي وما يحيط به من تغيرات إقليمية ودولية، غياب الخطاب العلمي المدروس وتغليب قناعات وفلسفة الخطاب الإيدويولوجي عليه، الذي لعب دوراً كبيراً في تخبط الكثير من السياسيات الخارجية العربية وتبعثر أطر الحل بها في متاهات الإيدويولوجيا المتطرفة سواء كانت تلك الإيدولوجيا منبثقة من نسق فكري وقناعي أو معتمدة على تحالفات إقليمية أكل الزمان عليها وشرب وأصبح الارتماء بأحضانها رهان المفلسين ومراهقي الواقع السياسي العربي.

ولكي نوضح الصورة بشكل جلي أكثر لابد من استعراض بعض التعريفات حول الخطابين المتباينين في عالمنا العربي، فالخطاب الإيدويولوجي تتكون معطياته من الإجابات المعلبة لحيثيات القضايا وأساليب التعامل معها فهو يبدأ بإجابات ومسلمات جاهزة الطرح تنطوي تحت إطار (نعم، وهكذا، ولذلك, وسوف يكون) وغيرها من قناعات الثبات الإيدولوجي والجمود في العلاج، بمعنى أن التعامل مع الإشكاليات والظواهر جاهز ومبوب بغض النظر عن دراسة فحواها ورصد مفاتيح الولوج إلى فسيفسائها.

وفي الشق الآخر ينطلق الخطاب العلمي المدروس من إطار مغاير ومختلف يمتاز بنوع من العقلانية العلمية في البحث عن الحل والعلاج فينطلق من (لماذا, من، كيف، أين) وغيرها من معطيات البحث عن الحل بطريقة حيادية مستقلة لا تقيدها قيود الإيديولوجيا السياسية وطوباويات النهج العقدي والسياسي.

لا يعني ما تقدم أننا نسفه من أهمية الإيدولوجيا السياسية وتأثيرها في الحياة السياسية للإنسان المعاصر التي لعبت وبلاشك دوراً مهماً في تشكيل العقل السياسي وتكوين ثقافات الشعوب السياسية ونضالها تجاه تحرير مصيرها وتنمية واقعها الإنساني, ولكننا نجنح إلى نوع من العقلانية العلمية في التعامل مع قضايا واقعنا السياسي تكون الدراسة العلمية إطارها وأساليب البحث العلمي المحمية من العاطفة الإيدولوجية والسياسية مسارها، تستخدم بها استطلاعات الرأي، وتلعب بها الجامعة والمؤسسات الأكاديمية ومراكز البحث الاستراتيجي والسياسي واستشراف المستقبل دوراً كبيراً في التحليل والقياس والاستنباط، فتأتي الحلول والتوصيات على قدر كبير من الواقعية والتقارب مع معطيات الحدث وبعيدة عن ارتجاليات المواقف وضبابات التعامل التي جنينا منها ومن الشخصنة السياسية الكثير من الانتكاسات والمرارة الجماعية.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244






 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد