Al Jazirah NewsPaper Saturday  29/03/2008 G Issue 12966
السبت 21 ربيع الأول 1429   العدد  12966
مجلس الشورى ومسيرة الإصلاح في المملكة
أحمد بن علي عسيري - الرياض - عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال

تعتبر الشورى في الإسلام حجر الزاوية، والمحرك الاستراتيجي، والداعم الحقيقي في خلق فرص البناء الحضاري، والإسهام المباشر في قضايا الحكم المحلي، والتفعيل المؤسسي لصنع القرار {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}، وتكتسب أهمية بالغة، وعناية فائقة لكونها مرتبطة بولي الأمر.

وسأقصر حديثي على مجلس الشورى السعودي الموقر الذي أمد ولي الأمر بالحكم الراقية، والرؤى المستنيرة، والآراء السديدة، واستفادت الحكومة من دراسته للقضايا، ومن تعليقه على المراسيم، واستصداره للتوصيات الصائبة التي وضعت على طاولة الحكومة ممثلة بمجلس الوزراء الموقر لإنفاذ ما يراه بعد عرضها على هيئة الخبراء لإعطاء الرأي القانوني، والمشورة الإدارية، وآليات التنفيذ العملية.

والمتتبع لمسيرة الإصلاح العامة في المملكة لا يسعه إلا أن يدرك الإسراع المباشر، والتفعيل المتلاحق، والتواصل للسبق، في التعليم والتربية والاجتماع والسياسة والإدارة والاقتصاد والشورى إحدى أهم الركائز، وأشد الدعائم، وأقوى الوسائل التي طالها شيء من التغيير الإيجابي الذي يرتفع إلى درجات عليا.

طريقة تعيين الأعضاء تعتبر ديمقراطية؛ لكون ولي الأمر -حفظه الله- يختار الصفوة، ويصطفي النخبة، ويجتبي الخلاصة من المواطنين الكرام الذين يشاركون ولي الأمر النظرة المستقبلية، والفكرة الواحدة، والقرار المشترك الذي يضع الدوحة الباسقة، والمنارة المتألقة، والأفياء الظليلة في مصاف الدول المتقدمة التي بلغت شأوا بعيدا في إدارة الحكم المحلي.

وإذا تتبعت الأسماء (الأعضاء) تجدها منتقاة من ثلاث عشرة منطقة، وإذا تصفحت (العناوين) تألفها من مائة وخمس محافظة، تتناسب بشكل عام مع مفهوم الوحدة الوطنية، والمصلحة المشتركة، والمنفعة المتبادلة.

الكفاءة - المقدرة - التأهيل - الخبرة - الاطلاع - الحصافة - النفع - النتاج، هي - في تصوري - من أبرز الصفات التي ينظر لها بمنظار خاص، وتقص واضح، وبفكر ثاقب لحظة اختيار العضو الذي يحزم حقائب خبرته، ويشد حبل ثقافته، ويعتمر عمامة معرفته، ليحقق من خلال هذا البرلمان الناجح عملا ذا شأن في خدمة الدين والوطن والمليك.

مجلس الوزراء مجلس الشورى مجلس المنطقة، المجلس المحلي (بالمحافظة)، المجلس البلدي هي أبرز المجالس التي تتم من خلالها صناعة القرار، واستصدار الأحكام، ووضع الأطر والقوانين مرتبة حسب الثقل والمكانة والهيبة، فمؤسسة تشريعية رقابية برلمانية شورية كمجلس الشورى تحتل مرتبة ثانية في تقديم نظرة متكاملة على شجون الخارج، وشؤون الداخل.

درس الاتفاقيات والمذكرات والمعاهدات، وانضم لعضويات برلمانات وجمعيات وهيئات ومنظمات عربية وإسلامية ودولية، عاش هموم المواطن، ناقش قضايا الوطن، استجوب وزراء الحكومة استجوابا يوضح الحقيقة، ويضيف للمعلومة، ويوثق الحقيقة مثلا مع وزراء الخارجية، والإعلام والثقافة، والعمل، والتجارة والصناعة، والمالية، لا يخرج عن أدبيات التعامل الراقية، ولا يتعارض مع مقتضيات اللباقة والدبلوماسية والأناقة.

جمع ولي الأمر -حفظه الله- تحت القبة الخضراء: الأكاديمي والإداري والاستشاري والأمني والاقتصادي والتعليمي والإعلامي والصحافي والثقافي والدبلوماسي والسياسي والمعماري والزراعي والتجاري والتقني والأدبي.

يتوزعون على اللجان العاملة بشكل متناسق، وفيه كثير من التناغم، ويؤكد النظرة المنهجية، والحنكة الفكرية، وسعة الأفق الإدارية، وفيما أعتقد لا يوجد ذلك التنوع الكمي والكيفي، الوصفي والعددي في أي برلمان في العالم أجمع، وإن وجد فهو لا يكون بذلك الترتيب والرؤية والإخراج.

ومما له صلة بالموضوع أن هؤلاء الصفوة-الأخيار يقولون رأيهم الصريح، وفكرهم الواضح، ورؤيتهم المباشرة، بشكل شفاف ونقي وعلني، ولنا في طرح أعضاء مجلس الشورى الذين ناقشوا قضايا اجتماعية مهمة للغاية مسكوت عنها لفترة طويلة!! الأمر الذي أحدث نقلة في الحوار، وتغيرا في الحراك، ويسرا في التناول بشجاعة أدبية منقطعة النظير.

وتماشيا مع فكرة الإصلاح العامة، وإيمانا من ولي الأمر -حفظه الله- بأهمية الدور الذي يلعبه مجلس الشورى في دعم المسيرة التقدمية، والإصلاحات التطويرية، والرؤى التنويرية، عدلت بعض فقرات وبنود النظام الأساسي لمجلس الشورى لتسهم في إتاحة الفرصة للعضو في التواصل والتشارك والتحاور بشكل أيسر وأسهل وأحسن.

والمجلس الموقر منفتح على الإعلام بشكل كبير بكافة وسائله (التلفزيون - الإذاعة - الصحافة) من خلال التعاطي معه، وإشراك المعد والمذيع والصحفي في نقل رسالة المجلس إلى كل أبناء الوطن مما عزز جانب الثقة والاطمئنان، وأنجح برامج التواصل والتفاعل، في لحمة وطنية جذابة، ورؤى شورية خلابة، شأنها شأن كافة مؤسسات المجتمع المدني الأخرى.

وفي لوائح تنظيمية المجلس يلقي ولي الأمر -حفظه الله- خطابا ملكيا كريما سنويا يوضح من خلاله سياسة الدولة، ويبين عبره منهج الحكومة، ويشرح من على منبره النظرة المستقبلية التي تستشرف المملكة من خلالها كل الأمور الداخلية والخارجية.

وصفوة القول: إن مجلس الشورى الموقر يحظى بثقة القيادة، وبدعم المواطن، وبتشجيع المسؤول، فهو - بعد الله - المتكل عليه في إمداد الحكومة بالدراسات المستفيضة، والأبحاث المشبعة، بالقراءة والتحليل والمقارنة، وهو ما يحدوني إلى دعاء المولى عز وجل بأن يبارك في جهود أعضائه، بما يحقق تطلعات القيادة الحكيمة لهذا البلد المعطاء.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد