Al Jazirah NewsPaper Sunday  30/03/2008 G Issue 12967
الأحد 22 ربيع الأول 1429   العدد  12967
نحو عمل عربي ذي عقلانية وإنصاف

كثر الحديث وطال عن القمة العربية التي افتتحت في دمشق، وتعددت وجهات النظر والمواقف حولها، وجاءت القمة بتمثيل منخفض نسبياً وغياب للدول ذات الثقل العربي لتعبر عن الوضع الذي تمر به الأمة العربية من حيث الخطورة والتهديدات وتجاذبات المشروع العربي بين مشاريع التحالفات الخارجية والتخبط من قبل بعض دوائر صنع القرار العربي, ولعل وحدة القياس الأخيرة وهي لبنان وانعكاس إشكاليته على القمة خير دليل على ما نحن في صدده من حديث.

فقد ظل لبنان وما يعوث به من عدم استقرار سياسي وتعطيل مؤسسي ناتج عن تصلب المواقف من قبل بعض اللاعبين على ساحته وإصرارهم على تعطيل سبل الحل به واجتراره إلى سياسات المحالفات والتكتلات الإقليمية من أهم الملفات التي تحتاج إلى نوع من العقلانية والالتزام للرقي بالعمل العربي المشترك المحمي من سلبيات التدخلات الخارجية ومراهنات المقامرة السياسية والبحث عن أوراق الضغط الوهمية.

المملكة العربية السعودية بثقلها السياسي والاستراتيجي بذلت الغالي والنفيس من أجل لملمة الوضع العربي قبل انعقاد القمة، وسارعت بالخطى نحو حل الوضع في لبنان ودعمت المبادرة العربية للحل في القضية اللبنانية، ونأت بنفسها وبشكل واضح وجلي عن المزايدات وجعلت جل اهتمامها الأول والأخير هو استقرار لبنان وحماية استقراره منتهجة بذلك عقلانية المواقف واعتدال التصرف مع الأحداث.

هذا الاعتدال والعقلانية وإن واجهتها محاولات تعطيل الحل العربي في لبنان، بل وترسيخ قناعات التدخل الخارجي على الساحة اللبنانية بالإضافة إلى التهجم على جهود الجامعة العربية ووضع العراقيل أمام أطروحاتها, لم تثن المملكة عن التزاماتها في محيطها العربي الذي ظلت دائماً اللاعب الجوهري والمحوري الذي ينطلق دورة من التزام الموقف الأخوي وقناعات تعريب الحلول واستقلال المواقف المبني على أساس المصلحة العربية البحتة، البعيدة كل البعد عن مزايدات السياسية ولجاج الأحلاف, الذي أضاع اجتماع الكلمة وشتت الصف في وقت تعج الساحة العربية بقضايا جسام وثقال ابتدء بفلسطين واحتراب أبنائها مروراً باستفشاء ثقافة الطائفة والقتل بالعراق الجديد, وغيرها من ملفات الواقع العربي الذي بدأت عين الاهتمام العربي تنحرف عنها تحت وطأة وتأثير وانشغال العقل العربي بإشكاليات التدخل في استقرار الدول وتعطيل مؤسساتها السياسية عبر قناعات إقليمية بحتة.

ما يرجى من قمة دمشق الآن هو نوع من المصارحة مع الذات تتجلى من خلالها رزمة من المواقف العقلانية والعروبية التي تتخطى حدود الأحلاف والمصالح الذاتية الضيقة لتصل بالعمل العربي إلى منافذ تفكير جديدة تقوم على الثقة المتبادلة والتجرد من مواقف التصلب والإصرار على الارتماء في أحضان التحالفات الإقليمية التي وللأسف الشديد بدأ مريدوها يجنحون إلى الاستماتة في الدفاع عنها ويحاولون اجترار الآخرين إليها.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244








 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد