Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/04/2008 G Issue 12969
الثلاثاء 24 ربيع الأول 1429   العدد  12969

دفق قلم
هنالك أراه صلى الله عليه وسلم
عبد الرحمن صالح العشماوي

 

كما أرى الشمس المضيئة في يوم مكتمل الصّحو، أراه وكما أرى القمر ساطعاً في ليلة صافية الأديم، أراه هنالك في الآفاق البعيد الشامخة علواً وسموقاً، أراه هنالك في مقعد صدق عند مليك مقتدر، أراه على أريكته اللؤلؤية في الرفيق الأعلى الذي سأل ربه حين وفاته أن يصعد إليه، أراه في درّته المجوّفة البيضاء، أراه عند نهر الكوثر الذي أعطاه ربه سبحانه وتعالى، أراه في المقام المحمود الذي وعده به ربه عز وجل، أراه هناك بعيداً بعيداً في أعلى مراتب الدرجة العالية الرفيعة، أراه وعلى روابي الوسيلة والفضيلة التي ندعو بها له بعد كل أذان، أراه في بساتين التحيَّات لله الصلوات الطيبات التي نغرس في ثراها الطاهر أجمل شتلات الصلاة والسلام والتبريك عليه وعلى آله وصحبه، أراه فوق تلك القمة الخضراء النقيَّة الهواء، الصافية الماء التي ترفرف فيها أغصان شجرة {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، أراه هنالك على شرفات جنّات عدنٍ مع أخوته من أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام جميعاً، أراه هنالك عند عرش الرحمن يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، أراه ساجداً عند عرش ربه العظيم يستأذنه في الشفاعة الكبرى، أراه واقفاً كالطود الأشمّ آخذاً بحُجز أمته عن النار وهم يتقحّمون فيها، أراه رحيماً رؤوفاً بالمؤمنين، رفيقاً شفيقاً على أمته، أراه في واحة الإيمان واليقين، أراه واقفاً يصلّي تتفطّر قدماه من طول الوقوف أمام ربه، أراه أميناً وفياً مخلصاً صادقاً، أراه حليماً كريماً متجاوزاً عمّن يسيء إليه، أراه هنالك في أعلى قمم الأمجاد، أراه في أبهى حُلل الإحسان، أراه في أمنع وأقوى حصون التقوى والخوف من الله، أراه عند كل باب من أبواب الحق والخير، أراه وتحت شجرة الأمانة الوارفة الظلال، أراه هنالك متحنّثاً في غار حراء، أراه منصتاً إلى جبريل عليه السلام وهو يقول له: اقرأ، أراه هنالك في أسمى مراتب الأنبياء والمرسلين، أراه اللهم صلّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، كما صلّيت وسلّمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

أيها الأحبة، لكم أن تروا حبيبنا محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام بعيون بصائركم، وبخفقات قلوبكم، وبأهداب حبّكم الصادق لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

لكم أن تروه في تلك المقامات والمراتب العليا، شامخاً، سامقاً، آمناً مطمئناً عند ربه الذي فضّله على الخلق أجمعين، وختم به الأنبياء، وبرسالته رسالات السماء، وأكمل به الدين وأتمّ به النعمة.

لكم أن تروه صلى الله عليه وسلم حيث رفعه ربه ومولاه، وحينها ستتهاوى أمامكم صور حشرات البشر الذين استزلّهم الشيطان، فأساؤوا إلى أنفسهم من حيث ظنوا أنهم يسيئون إليه، عندها، سترون الحق الأبلج والباطل اللّجْلَج، وستشعرون بتقصيركم في إيصال رسالة نبيكم إلى آفاق الأرض، لانتشال الضالين عن الهدى من البشر من أوحال الكفر والفساد والضياع، إلى قمم الإيمان والصلاح والهدى واليقين.

هنالك نراه صلى الله عليه وسلم فسُحْقاً للساخرين المستهزئين.

إشارة:

من رأى الأنجم والبدر الأتَمّ

لم يخفْ ليلاً ولم يخشَ الظُّلمْ

www.awfaz.com

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد