Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/04/2008 G Issue 12969
الثلاثاء 24 ربيع الأول 1429   العدد  12969
حسابات الخارج والداخل في العراق

مثلما يعتبر العراق في مواجهاته الحربية والعسكرية ساحة لصراعات أجنبية بوقود محلي، فإنه يمكن أن يمثل في بعض الأحيان تلاقيا بين قوى أجنبية للتخلص من عنصر محلي، ولعل مواجهات البصرة وعدة مدن جنوبية وصولا إلى مدينة الصدر في حاضرة البلاد بغداد، هي حالة من حالات التلاقي بين القوى الأجنبية المتصارعة في العراق، فقد التقت المصلحة الأمريكية الإيرانية في التخلص من التيار الصدري، من خلال الدعم المقدم لحكومة المالكي..

وكان هذا الدعم بطريقة مباشرة وواضحة من خلال تدخل الطائرات الأمريكية في معارك البصرة فضلا عن دور للقوات البريطانية خارج المدينة، فيما واصلت إيران دورها التقليدي في دعم حكومة المالكي وهو دور يفصح في الكثير من الأحيان عن نفسه من خلال مظاهر سياسية تنادي بتأييد هذه الحكومة، إلى جانب ما يجري تحت الطاولة من عمليات تتخذ عدة أوجه..

ومن المهم كثيراً في الحالة العراقية أن تتقدم الأطراف الوطنية باتجاه الاقتراب من بعضها البعض، وأن تحاول ذلك مهما كانت هيمنة القوة الأجنبية المسيطرة على جوانب عديدة في هذه الأوضاع المضطربة، فالارتهان إلى الخارج يعقد فقط التواصل الداخلي، وهناك في الخارج من هو مستعد لصب المزيد من الزيت على النار ليس من أجل مصلحة العراق بل من أجل مصالحة في المقام الأول..

وطالما كان هناك مثل هذه التواصل مع الخارج لتحقيق أجندة داخلية فإن ذلك يعني تعثر التواصل بين القوى المحلية..

بالطبع هناك وقائع لا يمكن تجاوزها، مثل الوجود الأمريكي الكبير في أرض العراق، وتصميم الإدارة الأمريكية على تحقيق نصر ما قبل العام الأخير لها في البيت الأبيض، لكن تطورات السنوات الخمس الماضية تفيد بأنه لا يمكن تحقيق الكثير في بضعة أشهر، وأن محاولة استباق الوقائع على الأرض وتكثيف الحملة العسكرية لن يفضي بأي حال من الأحوال إلى استكانة الجانب الآخر وإنما يزيد نيران المواجهات اشتعالا..

ولهذا فإنه من المستبعد الوصول إلى الإنجاز العسكري المتصور، بل إن الصورة تبدو على العكس من ذلك، إذ إن إدارة بوش تواجه معارضة متزايدة للحرب، أضيفت إليها حاليا الحملات الانتخابية الساخنة التي تتجاوب مع نبض الشارع الأمريكي وتعزز تطلعاته في ضرورة إعادة القوات سريعا إلى الوطن بعد ازدياد عدد النعوش القادمة من العراق إلى الرقم أربعة آلاف..

ويصبح من الضروري إزاء ذلك أن يتم حث الخطا باتجاه البحث عن مخرج سياسي، ويستوجب ذلك في المقام الأول تشجيع الحوار الداخلي العراقي بدلا من تقديم الإسناد العسكري لهذا الفصيل أو ذاك، ومع الإدراك لصعوبة تحوير الأهداف خاصة بالنسبة لجيش عرمرم مثل الجيش الأمريكي تتعاظم عقيدته القتالية، فإن من المهم إحداث نوع من التغيير بحيث تقتصر المهمة على الحفاظ على الأمن بدلا من ابتدار العمليات الكبرى مثلما حدث في البصرة، بحيث يكون الهدف هو تأمين انسياب عملية للتواصل السياسي بين مختلف الأطراف.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد