Al Jazirah NewsPaper Tuesday  01/04/2008 G Issue 12969
الثلاثاء 24 ربيع الأول 1429   العدد  12969
نوافذ
أبعدوا حقائبكم.....لنمر
أميمة الخميس

الشعارات التي يطلقها الآن من يسمون أنفسهم (جبهة الصمود والتحدي) في العالم العربي، هي نفس الشعارات التي يستمدون منها شرعيتهم أيضا، وهي في مجملها من مخلفات الحقبة الاستعمارية في العالم العربي، وأحلام التوق الشعبي العظيمة بالتحرير الذي كان سيحل على الديار مقرونا بالتقدم والتنمية والنهضة الحضارية والحلول جميعها المنتظرة.

المفارقة هنا أن من كان يروج لهذه الشعارات ويتبناها ويجعلها واجهة ممتلئة ببشارات الخلاص والعدالة الاجتماعية، والتقدم والتنمية، هي أنظمة انقلابية عسكرية، تحولت مع الوقت إلى (جمهوريات ملكية) خاضعة لهيمنة الحزب الواحد، مع غياب تام لأي مشروع حضاري من الممكن أن ينهض بالشعوب المسحوقة المغيبة.واليوم بعد ما يربو على الستين عاما من تلك الحقبة ماذا نرى على أرض الواقع ؟

سوى بنية تحتية مهلهلة مع تردي كبير في الخدمات, غياب مشاريع التنمية الفكرية والتعليمية والحضارية التي تهدف إلى نهضة الشعوب وتأهيلها لخوض التحديات الحضارية الكبرى، غياب شبه كامل للحريات والممارسات الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني، مع تكميم للأفواه يصل إلى حد النفي أو التصفيات الجسدية، إذا أين هو المشروع الحضاري وقائمة الوعود التي تستمد منها تلك الأنظمة مصداقيتها وتروج لشرعيتها من خلالها؟

القمة العربية التي تعقد بهم الآن في سوريا تضعهم تحت المجهر بشكل يعجزون فيه عن مواراتها، أو توسل ذرائع الصمود والمقاومة لتغييب الأسئلة السابقة.

وأبسط مثال يبرز المفارقة أمام المشاهدين في العالم العربي هي نوعية الخطب السياسية التي تطلق أمام العالم المترقب، المتحفز، و المتتبع للأخطاء والهنات, فمن المتعارف عليه دوليا أن الخطب السياسية في غالبها تكون مكتوبة مختصرة ودقيقة يشرف على إعدادها مجموعة من الخبراء والمختصين بحيث تقدم الخطوط العريضة التي يسعى لها القائد في سياسته، وعلى النقيض من هذا في مؤتمر القمة نجد أن الخطب طويلة وارتجالية، وعاطفية، وأفكارها مشتتة مبعثرة بلا ملامح أو خلاصة، ولا يصل معها المشاهد إلى أمر إلا أمر وحيد هو وجود ذات متفخمة كبيرة وراء ذلك الركام اللغوي الهائل.

هل العالم العربي المحاصر بجميع أنواع التحديات، والمتورط بقضايا الفقر، والكثافة السكانية، والجماعات الإرهابية، وجميع أنواع التخلف بحاجة إلى مزيد من الحقائب اللغوية الكبيرة الممتلئة بالشعارات والشعوذات اللفظية ؟

هل العالم العربي، بحاجة إلى المزيد من الحقب يهدرها في المزايدات والتخوين وإطلاق التهم على حساب شعوب خائفة ومستلبة، بلا طموح أو هدف، بل بات جل حلمها هو( فيزا) عمل للهروب للعالم الغربي المتحضر؟

المسيرة الإصلاحية في العالم العربي والتي بدأت ملامحها في التبلور، و التي اختارت الغد، واختارت كرامة الفرد، والتنمية، لم يعد لها من وقت لتأمل بهلوانات السياسة يتقافزون فوق حبال المستحيل واللامعقول.

لطفا أيها المؤتمرون....أبعدوا حقائبكم اللغوية الثقيلة عن الطريق... نريد أن نمر.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد