Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/04/2008 G Issue 12974
الأحد 29 ربيع الأول 1429   العدد  12974
الجاهز أسهل من التفصيل
نادر بن سالم الكلباني

القناة قناتنا الفضائية السعودية الأولى، والبرنامج يستهدف الطفل، والتوقيت الذي يعرض فيه البرنامج مناسب جداً ليتابعه أكبر عدد ممكن من أطفالنا، المأخذ البسيط إن شئتم أن أسميه كذلك أن البرنامج لا يخاطب أطفالنا بما يفترض أن نعززه في نفوسنا من ثقافتنا ولا يحثهم على التمسك بها، بل يذهب لأبعد من ذلك بأن يشارك في تعزيز ما ندعي أننا نحاربه أو نرفضه من ثقافات ومفاهيم تنزع أبناءنا من حدود الشخصية التي تميزنا كمسلمين وكعرب، ويبين لهم أن بين ما نقوله من فرضيات ومفاهيم وبين ما نفعله على أرض الواقع بوناً شاسعاً لا يصغر بمرور الزمن بل يكبر مع كبر غربة ثقافتنا بين أهلها، فالشخصيات التي يقدمها البرنامج شخصيات قدمها شارع السمسم في نسخته الغربية التي تظهر طيبة الفأر، وطهارة الكلب، واللغة التي تحاور بها المذيعة مقدمة البرنامج الأطفال الذين يشاركون في البرنامج عبر اتصالاتهم الهاتفية لغة تحجب الأطفال باللفظ الغربي وتثبت مفرداته على حساب مفردات لغتنا العربية، فكانت تخاطب الأطفال المتصلين بعبارات مثل لعبة (الميموري) يعني قوة التذكر أو الذاكرة، وتكثر من ترديد كلمة (أوكي) أو (قود لك) أو (برافو) وغيرها من المفردات التي ترسخ بتكرارها في ذهن الطفل فلا يعود قادراً على تركها.

الاهتمام بالطفل وتحفيز ما يساعد على اتساع مداركه وكسب المعرفة أمر محمود ومطلوب، لكننا لم نوليه كما نفعل غالباً مع كل أمورنا حقه من اهتماماتنا وحرصنا، فتقاعسنا فيما تسابق غيرنا فيه، وتأخرنا كثيراً حسب التعود في متابعة أطفالنا وإيجاد ما يملأ قناعاتهم وعقولهم المتوثبة لقبول ما يصل إليها، بينما حرص غيرنا على مخاطبة أطفالنا واستمالتهم بعزيمة واثقة وتخطيط مبهر وأفكار تحاكي خيالاً لا يحبذ الوقوف عند حدود، ونجح في توجيه ما يريد لأطفالنا تحت رؤى بعيدة لا تقف عند حدود الحاضر، بل تتعداه لمستقبل سيأتي على أمل أن يكون قد رسخ في عقول وأذهان أطفال اليوم ما يعينه على أن تسود ثقافات غير الثقافة العربية أو الإسلامية عندما يكبر الأطفال وتؤول الأمور إليهم، فلا يكون بعد كل هذا ما يربط جيل قادم يملك زمام الأمور بثقافتنا الحقيقية، وسيسهل حينها نشر وتعزيز ما يراد من مفاهيم وقناعات، هذا جزء يسير من المصيبة، والجزء الأهم أننا إعلامياً بقصد أو من دون قصد نشارك بغباء في اضمحلال قيمنا وثقافتنا في عقول أطفال ننتظر منهم في المستقبل أن يكونوا هم أصحاب القرار، وفي أن تسود ثقافة غيرنا عندما نغرس في أطفالنا ببرامج إعلامية ما يعزز المفردة غير العربية ويحببهم فيها أو مسرحيات نعيد فيها تصوير شخصيات مبهرة فصلها غيرنا لتخدم مصالحه وما يريد الوصول إليه، أو عرض أفلام كرتون تتحدث عن أبطال ينقلون المفاهيم المرادة للطفل، على أنني لا أعتقد أننا سنتحرك لإيجاد ما يحتاجه أطفالنا من شخصيات تغنيهم عن شخصيات تغرس ثقافات أخرى في نفوسهم، أو نحاورهم بكلمات تعزز المفردة العربية وتقربها إلى قلوبهم، فقد تعودنا نحن الكبار أن نقول دائماً ولا نفعل غالباً، وتعودنا ألا نتعب أنفسنا في التفكير والإبداع، فالجاهز أسهل لنا من التفصيل... والله المستعان.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد