Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/04/2008 G Issue 12974
الأحد 29 ربيع الأول 1429   العدد  12974
الحوار فريضة إسلامية
د. سعد بن عبدالقادر القويعي

تأتي مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين الأديان في وقت يقتضيه الواقع المعاش، لتعزيز التسامح الذي تحث عليه جميع الأديان، ونبذ العنف وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار لكافة شعوب العالم. إضافة إلى التعايش الإنساني الحضاري....

*****

... الذي يكفل احترام الرسالات السماوية وتوفير القداسات. فجاءت هذه المبادرة التاريخية في خطابه بمناسبة استقباله لوفود مؤتمر: (المنتدى السادس لحوار الحضارات بين اليابان والعالم الإسلامي)، كمبادرة مهمة للتعايش بين الأديان.

والسبب الذي جعل الملك عبدالله يسارع إلى تقديم هذه المبادرة - بعد عرضها على علماء المملكة وموافقتهم عليها - ما رآه من أن جميع البشرية في وقتنا الحاضر تعيش في أزمة، وهي أزمة حقيقية أخلت بموازين العقل والأخلاق الإنسانية لا سيما في هذا التوقيت بالذات الذي يشهد فيه العالم تطرفاً دينياً عند بعض المغالين من كافة الأديان، ما يحتاج إلى تظافر الجهود والحيلولة دون تفجر الصراعات الدينية تحت غطاء التطرف والترويج لمعاداة الأديان، كفرضية (صمويل هنتنجتون) عندما طرح فكرة صدام الحضارات بعد أن جعل الصراع في المقام الأول صراعاً دينياً بين كافة الأديان والملل والنحل. واستغلها اليمين المتصهين في الإساءة للإسلام والمقدسات والتطاول على جناب الرسل عليهم الصلاة والسلام. وفي المقابل فإن بن لادن ومن معه نفخوا الروح في أفكار تلك الفرضية عندما أعلن أن العالم فسطاطان، فسطاط للإيمان وفسطاط للكفر.

إن الحوار بين أهل الأديان السماوية لا يعني أبداً التقريب بين الأديان، بل هوالحوار المستمر مع الآخر بهدف التعايش المثمر والسلمي بين البشر والشعوب فيما فيه رقيهم وأمنهم وتواصلهم، ولتحقيق التفاهم والتعاون في مختلف المجالات بين الناس من أجل النهوض بالسلام والعدل والقيم الروحية والأخلاقية في إطار إنساني وخطوة أولى للمجتمع المسالم.

من جانب آخر، فإن الترحيب - بتلك المبادرة - وحده لا يكفي، بل ننتظر اقتراحات موضوعية مهمة كحق الإنسان في العيش والعمل والتفكير والتدين إلى غير ذلك من نقاط اتفاق يجتمع عليها الجميع فتكون بداية لثقافة جديدة نعززها بإيجابية عبر المؤسسات والمنظمات الإسلامية والهيئات الحكومية والشعبية ذات الثقل والتأثير على المستويين المحلي والإقليمي، ليحقق الحوار الغاية منه.

أعتقد أن إحياء هذه المبادرة التاريخية والتأكيد عليها مطلب مهم وضروري إذ فيه تحقيق لمصالح الأمة العليا. خاصة بعد تزايد الحملات المسيئة للإسلام والمسلمين، فالحوار فريضة إسلامية وليس مجرد فضيلة له أجندة واضحة المعالم من أجل تحقيق الأهداف والنتائج وتوضيح الصورة الحقيقية للإسلام كدين رحمة وسلام ومحبة، ونشر محاسنه وجمالياته وإشراقاته.









drsasq@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد