Al Jazirah NewsPaper Sunday  06/04/2008 G Issue 12974
الأحد 29 ربيع الأول 1429   العدد  12974
دفق قلم
الرشوة هذا الداء الفتَّاك
عبد الرحمن بن صالح العشماوي

نشر في عدد من صحفنا خبرٌ يُعَدُّ مُفْزعاً إذا قيس بما له من آثار سيئةٍ على المجتمع، يقول الخبر: (15 قضية رشوة يومياً) يتم ضبطها في مختلف مناطق ومحافظات المملكة، إنه خبر مفزع حقاً، لأنه يدلُّ على خلل في ضمائر بعض المسلمين، ضعف في خوفهم من الله وخشيتهم من عقابه، وسلبية قاتلة في التعامل مع مصالح الناس العامّة والخاصة.

الرشوة داءٌ فتَّاك يسري في خلايا المجتمعات كما تسري الأمراض الخبيثة القاتلة، لأن الرشوة من أسوأ أساليب سَلْب الحقوق، وظلم المساكين والضعفاء، وخدمة الطامعين والمتنفذِّين، والمتسلِّطين من أصحاب الأموال والنفوذ والعلاقات المادية القائمة على الطَّمَع، والجشع، ومضاعفة الأموال، والسيطرة على المناصب، والمواقع المهمة، ولأنَّ الرشوة تُسْهم في غشِّ المجتمع بإسناد الأمر إلى غير أهله، مقابل إبعاد أصحاب الكفاءة عن المواقع التي تحتاج إليهم، إنها الرِّشوة التي ورد الحديث الصحيح بلعن كلِّ مَنْ له علاقة بها، سواء أكان معطيها أم آخذها أم الواسطة فيها مهما كان نوع تلك الوساطة.

إن مرض الرشوة - أيها الأحبة - أَفْتَكُ بمصالح الناس من هذه الأمراض التي تكافحها وزارات ومنظمات الصحة في العالم، وتقوم بآلاف الحملات الإعلامية والإرشادية لمكافحتها.

الإيدز، وانفلونزا الطيور، والحمى القلاعية، وغيرها من الأمراض التي تنتشر فتهلك من الناس من كتب الله عليهم الإصابة بها، تظلُّ أمراضاً محصُورةً - برغم خطورتها، كفانا الله وإياكم شرَّها - إذا ما قيست بمرض الرِّشوة الخطير، لأن هذا المرض أكثر انتشاراً، وأقوى فتكاً، وأعمق أثراً سيئاً في النفوس، وهو يفوق تلك الأمراض كلَّها بأنه - إذا لم يجد رادعاً - يكون سبباً في غضب الله علينا، وفي ما يترتَّب على غضبه سبحانه من عقاب لنا، قد يكون عقاباً عامَّاً إذا ترك المصلحون والناصحون وولاة الأمر داء الرشوة دون رَدْع ومتابعة جادة وتوجيه مستمر.

الغلاء، والأمراض، والجفاف، واحتباس الأمطار، ونفوق الثروة الحيوانية (كموات الإبل مثلاً) وانتزاع البركة، وتكالب الناس على الدنيا، وانتشار مظاهر البعد عن منهج الله عند كثير من الناس، هذه الأشياء ومعها غيرها ابتلاءاتٌ واضحة توجب علينا جميعاً أن نفتِّش عن الأسباب، لنسارع بالإصلاح والتصحيح حتى لا نهلك أنفسنا ومجتمعنا.

(15) قضية رشوة يومياً عدد هائل مخيف، يجعلنا نتساءل: كيف نرجو من الله سبحانه وتعالى الرحمة والنصر والتأييد، والمطر والاستقرار النفسي، وفي بلادنا هذه الجبهات الخطيرة المفتوحة؟؟

إشارة :

اللهم إنا نسألك كشف الغُمَّة يارب العالمين.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5886 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد