Al Jazirah NewsPaper Tuesday  08/04/2008 G Issue 12976
الثلاثاء 02 ربيع الثاني 1429   العدد  12976
الدليل الشرعي يعضد إجراء ولي الأمر
ولي أمر المسلمين أخذ بفتوى الكثير من العلماء وكان هذا الاختيار فيه مصلحة الأمة ومتفقاً مع المقاصد الشرعية واختيار ولي الأمر يرفع الخلاف
عبدالله بن محمد المعتاز

لقد قررت حكومتنا الرشيدة -وفقها الله لكل خير- توسعة المسعى بعد أن تبين لها جواز ذلك شرعاً وبدأت في البناء فلا مجال للرد والمعارضة في هذا الشأن للأمور الآتية:

1- الحاجة الماسة للتوسعة نظراً لتزايد أعداد الحجاج والمعتمرين وضرورة القيام بتوفير وسائل الراحة لهم فجزاها الله خيراً قال الله تعالى: {إنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (18) سورة التوبة.

2- أخذ ولي الأمر بما أفتى به الكثير من العلماء من جواز التوسعة الحالية بعد أن بذل الجهد في التحري والتثبت وكان اختياره لما فيه من مصلحة متفقاً مع المقاصد الشرعية ويظهر لي أن ذلك رافع للخلاف الذي قد يسبب فتناً لا نحسب لها حساباً كما بيّن ذلك فضيلة الشيخ عبدالله بن سليمان بن منيع حفظه الله.

3- لكثرة الشهود الذين شهدوا أن الزيادة المقترحة في عرض المسعى لا تخرج عما بين الصفا والمروة لامتدادهما شرقاً وغرباً قبل التوسعات السابقة للحرم من الجهة الغربية ومن الجهة الشرقية للساحات قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (158) سورة البقرة.

4- الكُتب التي ذكرت أن المسعى قد أخر مكانه عما كان عليه سابقاً قريباً من زمزم مع بقائه بين جبلي الصفا والمروة تدل على أنه قد أدخل جزء منهما في الحرم بعد التوسعة وهو الجزء الغربي كما ذكرت أن الجزء الشرقي منهما أزيل بعد امتداد الساحات ومن هذه ما ذكره الشيخ عبدالكريم بن محب الدين القطبي المتوفى عام 1404هـ (إعلام العلماء الأعلام ببناء المسجد الحرام) صفحة 77، حيث قال ما نصه: (فكان مما دخل في ذلك الهدم -يقصد توسعة المهدي رحمه الله- دار الأزرقي وهي يومئذ لاصقة بالمسجد الحرام من أعلاه على يمين الداخل من باب بني شيبة وكان ثمن ناحية من ثمانية عشر ألف دينار وكان أكثرها دخل في المسجد الحرام في زيادة عبدالله بن الزبير ودخلت أيضاً دار خيره بنت سباع الخزاعية وكان ثمنها ثمانية وأربعين ديناراً دُفعت إليها وكانت شارعة على المسعى يومئذ قبل أن يؤخر المسعى).

كما قال في صفحة 79 من الكتاب المنوه عنه ما نصه: (وطلع المهدي إلى جبل أبي قبيس وشاهد تربيع المسجد ورأى الكعبة في وسط المسجد ورأى ما يهدم من البيوت ويجعل مسيلاً ومحلاً للسعي) انتهى.

فيظهر من هذه وغيرها أن السعي الحالي ليس هو المسعى القديم القريب من الكعبة الذي كانت هاجر عليها السلام تسعى فيه والذي كان قريباً من مكان ابنها إسماعيل الذي نبع فيه ماء زمزم ومن المعقول ألا تبتعد عن ابنها الرضيع فليست إذا التوسعة الحالية بدعاً وإنما هي للمصلحة العامة واقعة بين مكان الجبلين (الصفا والمروة) الممتدين شرقاً وغرباً ما بقي منهما وما أزيل.

5- أنا وغيري نذكر أن الكثير من المتاجر والبيوت كانت على جانبي المسعى وجوانب الصفا والمروة قبل أن تقوم الحكومة السعودية عام 1375هـ ببنائه وتوسعته -جزاها الله أفضل الجزاء- وما زال الحلاقون اليوم في قمة جبل المروة والجبل ممتد من الجهات الثلاث الشرقية والغربية والشمالية.

6- كل ما ذكرت يؤيده منظر عام مصور للحرم الشريف ومكة المكرمة (حفر ليتوغراف) عام 1787م سبق أن سلمت أحد هيئة كبار العلماء صورة منه.

7- التوسعة للمسعى الحالية مشابهة للتوسعات السابقة إذ ثبت امتداد الصفا والمروة جهتي الشرق والغرب.

فقد وسع المسعى ووسعت الجمرات وغير مكان مقام إبراهيم عليه السلام كما أن توسعات المكان تتابعت عام 17 وسعه عمر الفاروق رضي الله عنه وفي عام 37 وسعه عثمان بن عفان رضي الله عنه ثم وسعه عبدالله بن الزبير رضي الله عنه ووسعه المهدي العباسي مرتين عامي 160 و167هـ كما أضيف للمسعى أدوار عليا.

8- قال الشيخ عويد بن عياد المطرفي -سلمه الله- في بحثه (رفع الأعلام بأدلة جواز توسيع عرض المسعى المشعر الحرام) ما نصه: (واشترى -أي المهدي-) دار خيرة بنت سباع الخزاعية التي كانت لاصقة بدار الأزرقي من الشرق وبابها الشرقي كان شارعاً مفتوحاً مباشرة على المسعى إلى موضعه الذي هو فيه اليوم وفي توسعة المهدي الثانية عام 167هـ أمر بشراء الدور التي كانت باقية بين المسجد والمسعى واشتريت وهدمت وهدم أكثر دار محمد بن عباد العائذي الكائنة عند العلم الأخضر بركن المسجد من جهة الصفا وما جاورها توسعة للمسجد وللمسعى قال الأزرقي فهو مما كان بين الصفا والوادي من الدور وجعلوا المسعى والوادي فيها أي نقلوا المسعى من بطن المسجد إلى موضع الدور التي هدموها أقول ما اختصر من عرضه حيناً وزيد فيه حيناً آخر يجوز اليوم حتما توسيع عرضه محافظة على سلامة الساعين وحياتهم بدفع الازدحام عنهم فيه) انتهى كلامه بنصه.

ثم بيّن أن دار الأرقم بين أبي الأرقم التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتمع فيها بأصحابه في أول أمر دعوته وكانت تسمى (دار الإسلام) في حجة حجها حين كان يسعى بين الصفا والمروة وهم على ظهر الدار ينظر إليهم من حين يهبط من الوادي حتى يصعد إلى الصفا قال يحيى بن عمران بن عثمان بن الأرقم: (فيمر تحتنا لو أشاء أن آخذ قلنسوته لأخذتها).

قال الشيخ المطرفي ما نصه: هذا يدل صراحة على أن دار الأرقم بن أبي الأرقم التي كانوا يجلسون على ظهرها وأمير المؤمنين أبو جعفر يصعد إلى الصفا من تحتها كان موقعها على شفا الطرف الشرقي من الصفا على يمين النازل منه وموقع هذه الدار معروف قديماً وحديثاً لم يتغير منذ كان وهو الآن خارج جدر الصفا الشرقي يكون بعض منه من موضع المبنى اللاصق بالمسمى من الشرق مقر إدارة جمعية تحفيظ القرآن الكريم اليوم وكان يقوم على موقعه قبل التوسعة السعودية للمسعى دار الحديث التي كان مديرها محمد عبدالرزاق حمزة -رحمه الله- المتوفى سنة 1392هـ ويوم أن كانت داراً للحديث كان بينها وبين طرف الصفا الشرقي أكثر من عشرين متراً وهذا يدل على أن المنازل في تلك الأيام قد تقدمت عليها وحالت بينها وبين الصفا الذي كانت هي على طرفه تماماً مما يدل على أن أصحاب تلك المنازل قد بنوها على موضع السعي من الصفا فضيعوا عرضه واعتدوا على أرضه دون أن يمنعهم أحد. انتهى كلامه.

9- إذا كثر الناس وازدحموا في منى أجاز العلماء أن يقفوا بعد الخيام التي بمنى ولو كانوا خارجها.

وإذا ضاق المسجد أجاز العلماء أن يصلي الناس خارج المسجد مع الإمام إذا لم يفصل بينهم وبين المسجد شارع.

10- قاعدة رفع الحرج وقاعدة (المشقة تجلب التيسير) تدلان على التيسير حين الزحام وفي هذا العصر يحصل من الزحام ما لم يسبق مثله من قبل.

11- قال فضيلة الشيخ عبدالله بن سليمان بن منيع -وفقه الله- قامت البيئة العادلة من سبعة شهود يتبعهم ثلاثة عشر شاهداً يشهدون بمشاهدتهم جبل الصفا ممتداً امتداداً بارتفاع مساوٍ لارتفاع الصفا حالياً وذلك نحو الشرق إلى أكثر من عشرين متراً عن جبل الصفا الحالي وكذلك الأمر بالنسبة لجبل المروة وشهادتهم صريحة في امتداد الجبلين الصفا والمروة شرقاً امتداداً متصلاً وبارتفاعهما.

12- أخبرني رجل كبير السن التقيت به في حج 1428هـ بأنه يذكر امتداد الصفا إلى جهة الشرق وقال: إن لجنة جيلوجية فحصت الصخور التي في الصفا وقارنتها بالصخور التي أخرجتها من الأرض من امتداده شرقاً فوجدت أنهما من فصيلة واحدة، وأن هذا من أسباب التوسعة الجديدة التي أخذت بها حكومتنا الرشيدة.

13- يظهر من هذا كله أن التوسعة الجديدة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -سلمه الله- في محلها وأن الدليل الشرعي معه في ذلك وأن في هذا توسعة للمسلمين ورفعاً للحرج وتيسيراً للحجاج والمعتمرين فجزاه الله أفضل الجزاء وبالله التوفيق، ونسأل الله أن يهدينا إلى صراطه المستقيم وحسبنا الله ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.

* مؤسس إدارة المساجد والمشاريع الخيرية



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد