Al Jazirah NewsPaper Tuesday  08/04/2008 G Issue 12976
الثلاثاء 02 ربيع الثاني 1429   العدد  12976
فإنها تذكركم الآخرة
د. خالد بن عبدالله السبيت- وكيل قسم العلوم الإنسانية وأستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بكلية الملك خالد العسكرية

قد ألهانا التكاثر، تكاثر الأموال والأولاد، وألهتنا الدنيا وزينتها، الشباب وقوته، الصحة وعافيتها، ألهانا كل ذلك فلم يعد كثير منا يفكر بالغاية الحقيقية من هذا الوجود (عبادة الله) ولم يعد يفكر في المحطة النهائية لمسيرتنا (إما إلى جنة وإما إلى نار)، وإن مرت على مسامعه أوأمام ناظره، فكأنها لا تعنيه من قريب أوبعيد، فبالأمس قالوا مات فلان، واليوم قالوا ماتت فلانة، والله وحده يعلم من الذي سيموت غداً، ولكن كم منا تطرق إلى فكره احتمال أن يكون هو من وقف عليه الدور، وهو من ينتظر ملك الموت قبض روحه، وأنه صائرٌ إلى دار القرار جنة أونار!؟.

الدنيا تغر، والشيطان غرور، فينسي الإنسانَ ذكرَ ربهِ، ولذا أرشدنا الرسولُ الكريم- صلى الله عليه وسلم- بما يساعدنا على الإنابة، ومن ذلك زيارة المقابر فقال- صلى الله عليه وسلم-: (كنتُ نهيتكم عن زيارةِ القبورِ، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة)، كيف لا وفي زيارة القبور مشاهدة أولى منازل الآخرة التي لا يتم الانتقال إليها إلا بمعاينة هادم اللذات ومفرق الجماعات، وقد كان السلفُ إذا مات لهم أحدٌ أوذهبوا إلى القبور عُرِفَ ذلك في وجوههم أسبوعاً كاملاً، ولمَ لا فكفى بالموت واعظاً، يسترجع من خلاله الإنسانُ الحصيفُ أعماَله فلا يرى فيها إلا الغفلة - إلا من رحم الله -، وينظر إلى ما قدم فلا يرى ما يشفع له بالاطمئنان، وأنى له الطمأنينة!؟ وهو يعلم يقيناً أنه ما عبد الله حق عبادته، يمرُ كل ذلك بمخيلته مرور اتعاظٍ واعتبارٍ فيستثمر هذه التأملات بإعادة شحن الهمة لعبادة الله والعمل في إرضائه، ومن هنا جاء القول كفى بالموت واعظاً.

من جهة أخرى يعتصر القلب ألماً حين نرى جميعاً ما حل بالناس اليوم من إفراط في ملذات الدنيا وهم عن ذكر الموت هم غافلون، وقد ران على قلوب أكثرهم ما كانوا يكسبون، فلا أصبحت تنفعهم موعظة ولا تؤثر فيهم زيارة القبور!.

من مشاهداتي الخاصة أثناء دفن الأموات في المقبرة: أحدهم يتلقى اتصالاً هاتفياً يفاوض من خلاله الطرف الآخر فرصة عقارية!.

وآخران: يتحدثان فيما بينهما، وأحدهما يوصي الآخر بشراء سهمٍ من الأسهم فيه نسبة ذلك اليوم!!.

أما من تنطق جوالاتهم بنغمات الموسيقى بله الأغاني فحدث ولا حرج.

إلى كل هؤلاء وغيرهم أقول: إن لم نتذكر ونتعظ في مثل هذا الموقف، فمتى؟

وإن لم نعاهد أنفسنا بعمل ما يمكن عمله، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، في إرضاء ربنا عز وجل؟؟؟ وعتق رقابنا من النار ودخول الجنة مع الأبرار قبل ألا تنفد الفرصة، ولا تعدم الحيلة، قبل أن يأتي الموت ولات حين مَنْدَم، فمتى نفعل؟.

قال الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}.





subait@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد