Al Jazirah NewsPaper Tuesday  15/04/2008 G Issue 12983
الثلاثاء 09 ربيع الثاني 1429   العدد  12983
وداعاً وشكراً أيها القصيم
مليفي الشويكي العنزي-مدير عام الاتصالات بمنطقة القصيم سابقاً

أنْ أعملَ في جزءٍ عزيزٍ على القلب من وطني الغالي لهو تشريف وتكليف لي في آن واحد، فمنذ أن أتيت إلى (القصيم) الأصالة والمجد والتاريخ والرجال الأُباة الذين جالدوا الحياة في الزمن الصعب ليجعلوا من هذه القطعة المباركة منارة حضارية في قلب صحراء الجزيرة العربية فجابوا الآفاق شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ليصلوا بلادهم بمراكز الحضارات عبر التجارة والعلم والأسفار واستجلاب كل ما هو جديد ومفيد إلى وطنهم الأم حتى جعلوه يضاهي أرقى العواصم في ذلك الزمان - لذلك لا غرابة حينما قال المؤرخ اللبناني أمين الريحاني وغيره من الرحالة والمستشرقين: (إن مدينة عنيزة مثلاً وهي تقع في هذه المنطقة المباركة هي باريس نجد)، وحينما أقول إن العمل في هذه المنطقة تشريف لي، فإنه يشرفني أولاً أن أخدم هذا الوطن المعطاء الذي أعطانا العزة والكرامة والفخر ويسَّر لنا العيش الكريم الذي تتمناه سائر الشعوب والأمم، بل وتحسدنا عليه، ثم إن العمل في القصيم بالذات والعيش بين أبنائها الأوفياء قد زادني معرفة بالرجال الذين سمعت عنهم في الماضي والذين عركوا الحياة وتلقفوا الثقافة والاطلاع ونقلوا معطيات الحضارة وتقنية التقدم وصقلتهم تجارب الحياة عبر معرفتهم بالشعوب والقبائل والأمم فأصبح كل منهم مرجعاً في فهم الحياة ومستشاراً في الملمات والعصامية وبناء الذات والنظرة البعيدة نحو المستقبل والتفكير السديد ومن لم أحظَ بمعرفته شخصياً فقد عرفت أبناءه أو أحفاده الذين تعلموا منه وتخرجوا من مدرسته النادرة لينقلوا تجربته المضيئة للأجيال.

وحينما أقول إن العمل في تلك البقعة، النيرة - القصيم - هو تكليف لي فلأنني كنت أشعر أن عليَّ مضاعفة الجهد وبذل الطاقة القصوى لإنجاز كل ما كان أن يصبو إليه أهلي الأعزاء هناك فيما يختص عملي كمدير للاتصالات ولا سيما فيما يخص القرى والهجر المتناثرة في القصيم ثم كان عليَّ أن أرضي الله أولاً ثم ضميري ومن ثم أهلي في القصيم وحينما أقول أهلي فلأنني أقصد هذه المفردة بالفعل، وذلك لأنهم أولاً جزء من أبناء وطني الذين أتشرف بخدمتهم أينما كنت، ثم لأن أهل القصيم، ثانياً هم عائلتي الكبرى التي تشكلت من مختلف قبائل ومدن وحواضر هذا الوطن العزيز بما فيها القبيلة التي أنتمي إليها بعد انتمائي للوطن، كما أن القصيم (الأرض) هي جزء من ذاكرتي منذ الطفولة حينما كنت أسمع مع الصغر عن استيطان أجدادي وحكاياتهم وارتحالاتهم فيها كما أنها لم تزل حاضنة التراث الذي طالما تردد في مسمعي منذ الطفولة وحفظت منه الشيء القليل الذي لا يقارن بما يحفظه طفل من أهل القصيم. وأقول إنها تشريف وتكليف أيضاً فلأن السنوات الخمس التي قضيتها بين أهل القصيم كمدير عام للاتصالات حاولت بها قدر المستطاع أن أحقق لتلك المنطقة العزيزة كل ما تحتاجه من خدمات، فقد حققت الشركة التي أعمل بها (الاتصالات)، الكثير من المشاريع التي غطت بها الشبكة الهاتفية السلكية واللا سلكية سائر ربوع القصيم وبشكل شبه شامل وذلك بفضل الله ثم بدعم ومتابعة من صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز - أمير منطقة القصيم - حفظه الله - وكذلك نائبه الكريم صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود، حفظه الله، كما أنني لا أنسى في هذا الصدد جميع رجال الأعمال في القصيم والمؤسسات الحكومية والأهلية وأصحاب الأعمال الحرة وكل فرد تعاون معنا بالرأي أو الفكرة أو المساهمة من أهل القصيم وكذلك لا أنسى الجهد الهائل لزملائي الذين كانوا هم القاعدة الأساسية لكل ما حققته الشركة من نجاح هناك فهم الذين كانوا يعملون في الميدان وكان لنا مجرد الإشراف والتوجيه.

واليوم وأنا أغادر تلك المنطقة التي أحملها معي في القلب إلى موقع آخر على أرض هذا الوطن الحبيب فإنه لا يسعني إلا أن أقول: شكراً لكل إنسان ولكل ذرة رمل فيك أيها القصيم العظيم ولتسامحني على أي قصور.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد