Al Jazirah NewsPaper Tuesday  15/04/2008 G Issue 12983
الثلاثاء 09 ربيع الثاني 1429   العدد  12983

ما زالت مفاهيمنا خاطئة نحو الأطفال
ريما الرويسان

 

لفت انتباهي أثناء قراءتي لأحد الكتب التربوية الأجنبية ووجدت اهتمامهم بالطفولة منذ مئات السنين فقد جعلها (الساسة) من أولوياتهم السياسية. ففي عام 1924م صدر إعلان جنيف لحقوق الطفولة وهذا نصه (على الإنسانية جمعاء واجب توفير ما هو أفضل للطفل, وعلى الجميع الالتزام بحمايته وتوفير أفضل السبل لنموه، ومنها: الغذاء للطفل الجائع ومعالجة الطفل المريض وتشجيع الطفل المقصر (وليس تأنيبه!) كذلك إعادة الطفل الضال واحتضانه ورعاية اليتيم والاعتراف باللقيط. أما عالمنا العربي الفاضل فلا إحصائات ولا دراسات ولا جمعيات أو منظمات أو هيئات تحمي وتعطي للطفل حقوقه! وإذا وجدت هذه المنظمات فهي مجرد هتافات وشعارات تردد. فالأسرة هي من تغرس البذور وترعاها في أرض صالحة ومباركة لتكمل المدرسة دورها المنوط بها ألا وهو رعاية وتهذيب هذه البذور وعند ينوع هذه الثمار تصير من أجمل بساتين الدنيا عقولاً وفكراً ومنطقاً. إن الأسرة والمدرسة هما اللتان تصنعان وترسمان معالم طريق الطفل وتشكلان ملامح شخصيته فبالحب والحنان والاحترام والتشجيع على طلب العلم بإمكاننا أن نصنع منه (مفكراً وعبقرياً وداعية وطبيباً...). وبالقسوة والعنف من ضرب وترهيب وتوبيخ بإمكانك أن تصنع من هذا الكيان الصغير (فاشلاً ومجرماً) يحب الانتقام ممن خدش براءته واستغل ضعفه متذرعاً بتربيته! لماذا يزرع في الطفل الرهبة والخوف والانكسار (لماذا يا معلمات الأجيال تستخدمن أسلوب الهدم لا البناء.. لماذا)! كثيراً ما نرى بالصور أن معلماً أو معلمة اعتدى بالضرب على طفل أو طفلة لم يتجاوز عمره ثماني السنوات! أين ذهبت إنسانيتكم وضميركم أيها المثقفون؟!! أما إذا حصل العكس واعتدى الطالب على مدرسه (قامت وزارة التربية والتعليم) ولم يشفِ غليلها إلا فصل هذا الطالب ورميه لمصير مجهول!

إنني أتساءل عن دور المعلمة التوجيهي والإرشادي وأخاطب فيهن الأمومة... لما هذه القسوة على فلذات أكبادنا؟؟؟؟ لما لا يكون أساس كل تعامل (إنساني بحت) تعامل يلفه الاحترام والرحمة لكيان الطفل الصغير بغض النظر عن تحصيله الدراسي فحتى وإن كان مقصراً في أدائه لفروضه المدرسية فبالمتابعة من قبل المعلمة ستجد أن هناك ليس سبب واحد للتقصير بل أسباب عدة أدت لتقصيره فبدلاً من إهانته وضربه لما لا نساعده على الوقف على أسباب التقصير ونشجعه ونحفزه على أداء واجباته؟ لما لا تمدي له يد العون بدلاً من السخرية منه أمام أقرانه؟ لما يا مثقفات تقتلن الموهبة والإبداع بينما المفروض تنميتها وصقلها! إن وزارة التربية والتعليم (بدءاً بالمعلمة وصولاً لوزير التعليم) هم الأساس في بناء شخصية الطفل (والعكس صحيح). فمع الأسف ما زالت عندنا مفاهيم وسلوكيات خاطئة ما زالت مستمرة حتى كتابة هذه السطور منها (المديرة الغاضبة دائماً وبلا سبب)؟ (الموجهة) التي تدخل الفصل الدراسي بغتة لتنقض على الطالبات الغافلات انقضاض الأسد على الفريسة لتبدأ في موشحات الاستهزاء والتوبيخ وكأنها تبحث عن أخطاء وسلبيات لا إنجازات! وللمدرسة المربية نصيب الأسد من ضرب وإهانة لتصل للشتم للطفولة البريئة! فلا يحق لأحد كائناً من كان أن يهين أطفالنا ويصيبهم بالعقد والفشل لتسقط فشلها وعقدها وكبتها مما يؤدي إلى عزوف طفولتنا عن الذهاب للمدرسة وبالتالي تسكعهم في الشوارع والذي يقودهم للإجرام. أما أن لهذه التصرفات والمفاهيم الأزلية والممارسات العنيفة والغبية بحق طفولتنا أن تتغير وتزول؟ وأنا هنا لا أعمم فيوجد الكثير من الموجهات والمديرات والمعلمات الفاضلات اللواتي لو أعطيت لأي واحدة منهن فرصة لصنع قرار (لكانت الدنيا بخير) لا بد من غربلة وتغيير لبعض الطاقم المدرسي وأن يحل محله كوادر شبابية (وجامعية) مؤهلة نفسياً لحمل رسالة التربية والتعليم أساسها الرحمة واللين ومعرفة تامة بطرق وأساليب (التربية الحديثة) (معلمات ليس لديهن عقد أو كبت أو إسقاطات) فمن الأولويات لا بد من عمل دورات تدريبية وتأهيلية شهرية غير عشوائية لمختلف إدارات المدارس كذلك لا بد من وضع صناديق للشكاوي والاقتراحات يشرف عليها نخبة حيادية من المشرفات التربويات. لا بد من فتح الأبواب على مصراعيها وعقد مجالس غير المسماة (بمجالس الأمهات) وما فيها من احتفالات غير مجدية فلما لا يعقد محلها اجتماع مدرسي وأسري تناقش على طاولة واحدة كل ما يعوق التربية والتعليم فقد مللنا الصمت وتمثيل دور المتفرجين والتصفيق للاشيء. إنني أهيب بوزارة التربية والتعليم ومنظمات الطفولة بحماية أطفالنا من العنف المدرسي (فيكفي أطفالنا العنف الأسري)! لا بد من تطبيق قوانين صارمة مفعلة عملياً وليس كتابياً وأنا هنا أتكلم عن الصفوف الأولى لأنها المرحلة التأسيسية للطفل وشخصيته. لما لا نحترم الطفل (لإنسانيته) وليس لشيء آخر! فالإسلام كفل للطفل حقوقه وسبق الغرب منذ ما يزيد على ألف سنة ونحن ما زلنا نجهل كيفية تطبيقها لأننا لم نؤمن من دواخلنا بأن لهذا الطفل حقه في التعليم والحياة بحب وسلام إنسان له كيانه وكرامته وحقوقه.

وأختم مقالي بمقولة عمرو بن كلثوم:

إذا بلغ الفطام لنا رضيعاً

تخر له الجبابرة ساجدينا

لا نريد أن تخروا له سجداً فالسجود لله عز وجل بل احترموا إنسانيته وعاملوه بحب واحترام...... فهل هذا كثير!!!

Reema450@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد