أَيُّنا لم يرع لفقد حبيب؟ وأيُّنا لم يذرف الدموع على رحيل قريب؟ |
إنها الحقيقة الخالدة والمصير المحتوم الذي يلاقيه كل ذي عرق ينبض بالحياة يوم الانقطاع عن الدنيا والانصراف إلى عالم البرزخ حيث تنعم فيه النفوس المؤمنة وتشقى فيه الأرواح التي تنكبت طريق الحق واختارت سبل الهوى والضلال، بالأمس القريب تناقلت الأنباء من كل جانب موت علم شامخ من رجالات التربية والتعليم أمضى زهرة حياته في خدمة هذه البلاد المعطاءة ضارباً أروع الأمثال في الوفاء والإخلاص والتضحية من أجل التنوير المعرفي والتفاني في النهوض بسياسة التعليم وإيقاد شموعها المضيئة أمام شداة العلم والعرفان بتوجيه من ولاة الأمر وعلى رأسهم المؤسس والباني مجد هذه الأمة الملك عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه. |
إن ذلك الفقيد هو المربي والأستاذ عبدالله بن سليمان الحصين الذي لقي الله راضياً مرضياً إن شاء الله تعالى فخلَّف في قلوب محبيه مواجع لا يمحوها تعاقب الليل والنهار ولا يزيلها تقادم العهد وتصرم الأيام. |
لقد كانت تربطني بالفقيد أُخوة في الله ثم زمالة في وزارة المعارف منذ عقود خلت. |
رحمك الله أبا نبيل في الخالدين ورفع ذكرك في الأولين والآخرين، فلقد تركت لنا إرثاً علمياً وأدبياً وتربوياً لا تعفى آثاره ولا تطمس معالمه يتداوله الرجال وتتدارسه الأجيال فأنت حي بين ظهرانينا وإن غيبك المنون وكأني أراك جالساً بيننا تمتعنا بأحاديثك المعسولة وتتحفنا بكلماتك البالغة التي تنم عن حسن مناقبك وكرم شمائلك وسعة علمك لقد طاب ذكرك أيها الفارس الذي ترجل عن صهوة الدنيا حياً وميتاً وتألق اسمك حاضراً وغائباً. وإن عقبك المبارك سيسير سيرتك الحسنة بإذن المولى جل وعلا ويقتفي خطاك الرشيدة وهم أبناؤك البررة الذين ورثوا عنك الأريحية والعصامية والألمعية ومنهم أبنائي الكرام نبيل وهشام وفيصل أحسن الله عزاءنا وعزاءهم فيك والأسرة الكريمة وألهمنا وألهمهم الصبر والسلوان وأمطر ضريحك شآبيب الرحمة والغفران. |
تخطفه المنون فقلت إنا |
إلى الرب الرحيم لراجعونا |
وصدَّقنا بموته بعد صبر |
وسلَّمنا وإنا مؤمنونا |
ولكن القضاء إذا قضاه |
إله العرش يقتلع الحصونا |
فكيف إذا انتحى يوماً حصينا |
فأدمع منا العيونا |
|