Al Jazirah NewsPaper Tuesday  15/04/2008 G Issue 12983
الثلاثاء 09 ربيع الثاني 1429   العدد  12983
الإساءة والرسوم السيئة
د. سمير إسماعيل الجنيدي-الرياض - السعودية

في البداية لا يفوتني أن أعبر كغيري من ملايين المسلمين على اختلاف أعمارهم ومشاربهم وانتماءاتهم عن عميق الأسف بسبب معاودة نشر رسوم غير واعية وغير مهذبة، وكذلك عرض فيلم لنفس الغرض، وفي حقيقة الأمر فإن الرسوم والفيلم لا تسيء إلى سيد الخلق وحامل لواء بني آدم والرحمة المهداة عليه وعلى آله وصحبه أجمعين الصلاة والسلام، كما قيل وإنما تسيء إليهم وتؤكد جهلهم بالإسلام ونبيه العظيم، وفي نفس الوقت تلقي مسؤولية جمة على المسلمين وتؤكد تقصيرنا في حق نبينا العظيم وعدم قدرتنا على إظهار سماحة الدين وأخلاق المسلم الحقيقية.

وقد سبق أن تفاعل جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها مع حملة المقاطعة للمنتجات الدنماركية كما تفاعلوا حاليا مع المناداة بمعاودة المقاطعة مرة أخرى ومقاطعة المنتجات الهولندية، ومن هذا المنبر أحيي جميع من ساهم في ذلك وكم كانت الحملة السابقة رائعة ومؤثرة في عالمهم المبني على الماديات والأمور الاقتصادية، لكن.. هل هذا يكفي؟ بالطبع لا وهو سؤال أعتقد في رأي الكثيرين مجاب عليه سلفا إذ إننا رأينا وسمعنا أن الكثير من المفكرين والكتاب والدعاة وعلماء الدين فكروا ملياً في إيجاد وسائل أخرى داعمة ومؤثرة ووقائية فمنهم من طالب بإيجاد تشريعات تحمي الأديان من مثل هذه التطاولات ومنهم من رأى أن في الحوار وسيلة فاعلة وآخرون طالبوا الحكومات باتخاذ مواقف رسمية وغيره من الأفكار التي تم طرحها وجميعها إيجابية وتهدف في النهاية إلى تعريف هؤلاء بالإسلام ومنزلة رسوله الكريم المبعوث رحمة للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

لكن هل الشعوب الغربية تقرأ لنا؟ هل يسمعوننا أو يعرفوننا أو يعرفون عنا أو عن ديانتنا السمحاء الغراء؟ بالطبع..لا.. فالذين يعرفون منهم يضللون من لا يعرفون ويحجبون أو يشوهون أية معلومات إيجابية عن الإسلام والمسلمين، لذا يجب علينا أن نكون ملء أعينهم وآذانهم وعقولهم، يجب علينا أن نعرف ماذا يسمعون وماذا يقرؤون وماذا يشاهدون وكيف يفكرون؟ وأعترف بأنني لست متخصصا في مجال الإعلام ولا مجال الدعوة ولكنني شأني شأن أي مسلم مهموم بما حدث ويعرف أنها ليست النهاية..

بل قد تكون بداية بدليل تكرار ذلك، لذا وجب علينا استغلال هذا الموقف وهذه الصحوة الدينية لدى الشعوب والحكومات المسلمة، وأن نضع آليات وإستراتيجيات آنية وأخرى مستقبلية بعيدة المدى إعلامية ودينية وسياسية ومنظماتية وشعبية عصرية قادرة على الوصول إليهم لتجنب مثل ذلك والرد عليها بالحقائق وأيضا قد يكون لها مردود إيجابي آخر بإظهار الوجه الحقيقي للإسلام والمسلمين ولنا في حبيبنا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة حين قال (أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم)، ودعونا نفكر سويا في بعض هذه الآليات والإستراتيجيات التي قد تكون نقطة في بحر مما يدور في أذهان المسلمين جميعا:

1- نجعلهم يقرؤون لنا من خلال ما يقرؤونه يوميا وبلغتهم في كل بلد باستئجار أو حتى شراء مساحات بارزة في صحفهم ومجلاتهم وأي وسيلة متاحة لنشر تعاليم وقيم الإسلام السمحة من خلال دستورنا العظيم وهو أعظم الكتب وأجلها..

ألا وهو القرآن الكريم والسيرة العطرة لسيدنا ومولانا وحبيبنا وقرة أعيننا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ونجتهد لمحو الآثار السيئة لتجاوزات من أساء للإسلام من غير المسلمين بل ومن قلة من المسلمين.

2- نجعلهم يسمعوننا ويشاهدوننا في إذاعاتهم وتلفازهم من خلال برامج واعية متمكنة يتم إعدادها عن طريق متخصصين بحيث تلبي معطيات فكرهم وتجذبهم لها، ولنا في سيرة سيدنا محمد وأسلوبه الدعوي العظيم في بدايات الإسلام وكيفية التدرج في الدعوة وفي الأحكام، وعلينا بالصبر وطول النفس وعدم اليأس ونتذكر دائما كم قضى صلى الله عليه وسلم من سنين عمره في دعوة أهله وذويه وهو بينهم الصادق الصدوق الأمين.

4- لا أحد ينكر دور السينما في النشر والترويج لأية أفكار، فلماذا لا نسعى لرصد ميزانيات ضخمة واستغلال الكفاءات المسلمة وغير المسلمة في إنتاج أفلام سينمائية ضخمة بجميع اللغات، يمكن من خلالها ترسيخ مفاهيم الدين الإسلامي الصحيحة والسمحة وتاريخ رسولنا العظيم ومواقفه الإنسانية الرائدة في الغزوات وغيرها، وكيف تم نشر الإسلام بقيمه وسماحته وليس بحد السيف ولماذا تم استخدام السيف في بعض الأحيان، وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن ذلك وكذلك المواقف الإنسانية الجليلة في تعامل الرسول مع اليهود وأهل الذمة وكيف تم وضع أول دستور عرفه البشر في المدينة المنورة وكيف أسس لقيام أعظم دولة مدنية، وكلنا نعرف كم كان رد الفعل في الغرب وفي أمريكا تحديدا عندما استطاع المخرج العربي السوري الراحل مصطفي العقاد استغلال قدراته الفنية والمادية في إنتاج وإخراج فيلم تناول جانبا من بدايات الإسلام وعدد من الشخصيات المسلمة رغم أنه ليس رجل دين، ورأينا تأثير عرض فيلم سيئ عن الإسلام.

5- الإنترنت: دراسة وتحديد أكثر المواقع التي يتردد عليها الغرب وإنشاء مواقع وصفحات وروابط بكل اللغات واستغلالها في الدعاية لكافة المواد التي تتناول الإسلام.

6- التخاطب الرسمي والغير رسمي من خلال إعداد وتأهيل شبان وشيوخ مسلحين بالعلم والدين واللغات ومهارات التواصل والتخاطب بحرفيه عالية وعصرية وإعداد وتنفيذ المؤتمرات والندوات حول الدين الإسلامي في بلادنا وبلادهم ودعوة المفكرين وأصحاب الرأي والكتاب والساسة والسينمائيين من الغرب ومن الديانات الأخرى وكل من له شأن للتواصل المباشر معه وإيصال الحقائق بشكل مباشر وصحيح.

7- التوظيف الأمثل للقنوات السياسية والاقتصادية والعلمية، ورجال المال والأعمال كل في مجاله، فليعمل كل مسلم منطلقا من قاعدة دينية عظيمة وليعطي مساحة من وقته وتصرفاته لإظهار تأثره بدينه والتزامه وتمسكه بقيمه وتعاليمه في ممارساته اليومية.

وفي النهاية في رأيي المتواضع بقي دور وقد يكون هو الأهم، وهو أن نجعل كل هؤلاء يرون في خلق وتصرفات المسلمين في بلادهم وبلادنا خير مرآة تعكس سماحة وعظمة ديننا الحنيف ونكون قدوة لغيرنا ونجعلهم يدركون بيقين وبطريقة عملية واقعية وليس بالكلام فقط قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قلوبنا وأن الإسلام يعني لنا كل شيء وبدونه نحن لا شيء... فداك أبي وأمي يا رسول الله.... وإلا محمد.

بريد إلكتروني:


selgenidi@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد