Al Jazirah NewsPaper Monday  21/04/2008 G Issue 12989
الأثنين 15 ربيع الثاني 1429   العدد  12989
يموت الصحفيون.. ولا تموت القضية
د. محمد بن سعود البشر

اغتيال مراسل وكالة رويترز الصحفي الفلسطيني (فضل شناعة) في غزة مؤخراً يعيد مجدداً قراءة استراتيجية الاحتلال الصهيوني في حجب الصورة والمعلومة عن الرأي العام العربي والعالمي، بهدف التعتيم على ما ترتكبه قوات الاحتلال من بطش وتنكيل بأهالي غزة من الرجال والنساء والولدان، وغيرهم من الضعفة والأبرياء.

فضل شناعة لم يكن الوحيد في سلسلة الإعلاميين الذين يستهدف العدو الإسرائيلي قتلهم واغتيالهم وتصفيتهم، ولن يكون الأخير، ما دامت هذه الاستراتيجية تتصدر اهتمامات العسكر وجنرالات الحرب في المؤسسة العسكرية اليهودية في فلسطين المحتلة، وهي استراتيجية لا تفرق بين عربي أو أجنبي، حتى ولو كان مراسلاً لإحدى وسائل الإعلام الغربية ما دامت تخدم قضية حجب المعلومة والصورة عن الرأي العام في كل مكان.

نتذكر في سلسلة الاغتيالات والتصفيات والإيذاءات الجسدية لمراسلي وسائل الإعلام العربية والأجنبية أسماءً كثيرة، طوتها الأيام والسنون، لكنها لا تزال باقية في الذاكرة: باتريك باز، من وكالة فرانس برس، كان هدفاً عسكرياً نجا منه ولحقته إصابة في 18 أكتوبر 2000م. جان بوجيه، من مجلة (باري ماتش) الفرنسية، أصيب بعيار حي في صدره بتاريخ 21 أكتوبر 2001م. بيدرو دماد مراسل محطة CNN أصيب بعيار ناري في خاصرته بتاريخ 31 أكتوبر 2000م. روبرز لورانت مراسل وكالة الأسيوشيتدبرس أصيب هو الآخر بعيار ناري في فخذه يوم 9 نوفمبر 2000م. أما الصحفي الهولندي هايدرن هلمت فقد أصيب بعيار معدني في الساق بتاريخ 6 فبراير 2001م، والمصور الصحفي في القناة التلفزيونية الثانية في فرنسا تعرض للرصاص الحي في صدره يوم 15 مايو 2001م. وفي عام 2002م فقط قتل الجيش الصهيوني ثلاثة صحفيين، هم: الصحفي الإيطالي رفايلي تشريليو، وعماد صبحي أبو زهرة الذي كان يعمل مديراً لمكتب النخيل للصحافة والإعلام في جنين، وعصام التلاوي الذي كان يعمل مذيعاً في (صوت فلسطين)، بالإضافة إلى 34 صحفياً تعرضوا لرصاص قوات الاحتلال الصهيوني في ذلك العام. وقد استعرض الإعلامي الأردني - الفلسطيني الأصل - باسل النيرب الكثير من حوادث الإصابة أو التصفية الجسدية التي تعرض لها الإعلاميون العرب والأجانب والمؤسسات الإعلامية في فلسطين في كتابه الشهير: (قتل الشهود).

هذه الاستراتيجية التي نراها في فلسطين، وفي غزة على وجه الخصوص، تستهدف إطلاق العنان لقوات الاحتلال الصهيوني لتعيث في الأرض فساداً؛ فتقتل البشر، وتهدم البناء، وتقطع السبل، وتجفف منابع المقاومة الباسلة بالتصفية الجسدية والاغتيالات، وتهلك الحرث والنسل دون أن تكون هناك صورة صحفية أو معلومة إعلامية تفضح هذه الممارسات الوحشية التي يرتكبها جنود الاحتلال في غزة بكرةً وعشياً.

ولذلك نقول: إن فضل شناعة وإخوانه الإعلاميين - من السابقين واللاحقين - هم خط المواجهة الأول في وجه هذا الاحتلال البغيض، وإذا خبت أصواتهم وغابت صورهم عن فصول المواجهة فإن دماءهم تروي غرس الحقائق التي ستبقى شاهداً حياً للأجيال في نبل الدفاع عن القضية، وإخلاص المقصد في الذود عنها والاستشهاد في سبيلها.

قتل الصحفيين هو إحياء للقضية، وهو في الوقت نفسه يحمل رسالة مفادها: أنه لا مكان لمتخاذل أو منهزم في الدفاع عن الأرض المباركة!

* أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الإمام



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد