Al Jazirah NewsPaper Monday  21/04/2008 G Issue 12989
الأثنين 15 ربيع الثاني 1429   العدد  12989
نهارات أخرى
الدعوة على طريقة هالة سرحان!
فاطمة العتيبي

ضج المجتمع العربي قبل سنوات معترضاً على جرأة أطروحات هالة سرحان التي كانت تتحدث بجرأة فجَّة عن موضوعات تعدُّ من (التابو)؛ أي المحرمات المجتمعية. ولم يشفع لها أن بعض ضيوفها كانوا من علماء الدين!!

** الدين الإسلامي دين واضح وحيي، ويحض على الحياء مع حثه الدائم على الفهم والتفقه في الدين..

لكن للتفقه أدبيات يجب أن تراعى..

** دُعيت قبل نحو عام لإلقاء محاضرة في موضوع ثقافي وسبقتني في الحديث أخت كريمة جعلتني أخجل من أن أنظر حتى إلى مَن هي في جانبي!

لقد أسهبت الأخت الكريمة بالحديث عن (العادة السرية) عند النساء، وفصَّلت تفصيلاً فجَّاً، والغريب أنها تتحدث عن ذلك في معرض حديثها عن تجربتها في دعوة وإصلاح طالبات المدارس.. وقالت إنها تتحدث بما هو أكثر من ذلك تفصيلاً وجرأةً؛ وذلك لتحذير الناشئات من الوقوع في هذا وغيره!!

** اعترضت قبل سنوات على مشهد حضرته في حفل مدرسي، وكانت إحدى الطالبات تقوم فيه بدور خياط يتولى بنفسه أخذ مقاسات الزبونة التي تقوم بدورها طالبة أخرى. وفي النهاية كان الخياط يعطي للزبونة مجموعة من الأشرطة غير الأخلاقية كهدية منه على سماحها له بأخذ مقاساتها بنفسه. لقد كان الطرح ساذجاً والسيناريو والحوار ضعيفاً بحيث لا يوصل الرسالة المراد إبلاغها للطالبات.. كان مشهداً سيئاً وترك أثراً سلبياً، وهو يكرّس مفهوم الفتاة الساذجة المنتفعة التي تتنازل من أجل أن تحصل على مقابل.

** الدعوة في المدارس والمراكز النسوية والأنشطة المقامة فيها لا يمكن أن تؤدي دورها بإشراف (مسؤولين ومسؤولات) لمجرد أنهم (محبون للخير) أو مَن يحمل أو تحمل سيماء الصلاح؛ لأن هذه الاعتبارات غير كافية لفهم واستيعاب أبعاد تأثير الرسالة من جميع النواحي، وفهم نظرية التلقي وكيفية استثمارها لنجاح الرسالة في بلوغ تأثيرها!!

** الجرأة الفجّة في الحديث عن ممارسات خاطئة أصبحت تحقق لذة مشتركة للمتحدث والسامع، حتى لو جاءت تحت غطاء الدعوة.. ولكم أن تشاهدوا وتسمعوا الخروجات السيئة في الأسئلة التي تلقى على العلماء والمفتين في برامج الفتوى، حيث يبدأ المتصل سؤاله (الفج) بالعبارة الشهيرة: كنت في نهار رمضان وقد...!!!

** وهذا الأمر الدعوي السلبي تشترك فيه بعض الداعيات مع بعض الدعاة، وهو الإسهاب والتفصيل في أحاديث (جنسية)، وسرد حكايات وقصص عن الإنترنت والذئاب البشرية والفتيات الفريسات، وهو سرد لو تمت دراسته - وفق نظريات الخطاب - لوجدت أن لغته (جنسية) جسدية تكاد تكون، بل هي فعلاً أكثر فجاجة من بعض الروايات الخارجة أو العادية، والتي يُرمى أصحابها على رؤوس الأشهاد بأنهم يشوِّهون المجتمع ويروِّجون لفكر (جنسي)!!

** حدثتكم في هذه الزاوية قبل شهور عن كتيب عثرت عليه مع أكبر أبنائي (14 سنة) حصل عليه من زميل له في المدرسة. كان الكتيب دعوياً لداعية معروف أورد فيه قصصاً سردية لمواقف عدة كان منها قصة: (امرأة متزوجة تعرَّفت على رجل عن طريق الإنترنت وواعدها ليلاً وذهبت للقائه وكان بانتظارها فذهب بها إلى مكان مهجور و...)!

هذا السرد الفج بلغته المباشرة ومفرداته الخارجة هل نقبل أن يقرأه أطفالنا وتسمعه طالباتنا تحت مظلة الدعوة؟ لا بدّ من إعادة نظر حازمة من قِبل الجهات المعنية في تقنين الخطاب الدعوي واختيار مسؤولين ومسؤولات على دراية تامة وثقافة بالدعوة ولا بد من التدخل في منهج الدعوة.. وأسلوب الدعاة والداعيات وتنبيههم وتثقيفهم بأساليب الدعوة التي كان ينتهجها السلف الصالح.. وحثهم على عدم البحث عن الشهرة وجمع المريدين بهذه الأساليب غير التربوية وغير المتسقة مع المنهج الإسلامي في الدعوة، والذي يعتمد اعتماداً كلياً على القرآن والسنة وذكر الآيات والأحاديث والحض على الخير من واقع نصوصهما دون الاعتماد على سرد قصص وحكايات وخوض في (التابو) الاجتماعي بأسلوب مباشر وفج!! ولهم أسوة حسنة في ابن باز وابن عثيمين؛ فقد كان مرجعهما القرآن والسنة في الدعوة إلا إذا كان لدى بعض الدعاة والداعيات نية لمنافسة الروائيين والروائيات؛ فهذا أمر آخر!!



fatemh2007@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5105 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد