Al Jazirah NewsPaper Monday  21/04/2008 G Issue 12989
الأثنين 15 ربيع الثاني 1429   العدد  12989
وقفات
سلوى أبو مدين

سيدي القاضي هناك جانٍ!

اسمح لي سيدي القاضي بتقديم وريقتي هذه. وقبل كلّ شيءٍ. نحن البشر نؤمن بالقضاء والقدر خيره وشره. وهذه مسألة مسلم بها وعلينا الإيمان الحقيقي بذلك!

لكن يا سيدي ما حدث للطفل ماهر عجينة لهؤلاء من جراء إهمال طبيب وممرضة. فهل يعقل أن يعلم الطبيب أن الطفل يعاني من مشكلة صحية كالحساسية في الصدر؛ ويلقي بتعليماته للممرضة عبر الهاتف النقال!

أيّ استهتارٍ هذا في مهنة الطب؟ ربما انعدام المشاعر من قلبه، تعتبر الممرضة هي الأخرى مسؤولة في جريمة قتل كهذه، فمن باب أولى أن تستدعي الطبيب للحضور والكشف على الحالة والاعتراف بما وضعته في المحلول الذي أعطى للطفل!

سيدي القاضي بعد أن كان الطب رسالة أصبح للأسف تجارة، تجارة بأرواح الأبرياء والمؤسف أننا نصمت عن الأخطاء الجسيمة التي نراها ونسمع بها من قِبل الأطباء.

ولأن روح البشر أصبحتْ أرخص شيء في زمننا الحالي لذا أصبح الاستهتار بأرواح الناس شيء أكثر من عادي بل ومعتاد!

المفترض أن مهنة الطب أنبل وأسمى مهنة لما فيها من التخفيف عن الآلام المرضى ومعاناتهم!

لكن ما حدث يا سيدي القاضي لهو شيء مروّع بل أكثر من خطير!

والسؤال الذي يتردد: من قتل الطفل ماهر عجينة؟

إن ما حدث لهو من جراء التسيب والإهمال في العمل من قبل طبيب وممرضة، كان ضحيتها طفل بريء لا يتجاوز ست سنوات.

هل تكفي يا سيدي ديّة مالية لأم مكلومة، بعد أن ذهب ابنها ضحية خطأ طبي، وأب مغلوب على أمره؟!

أم إنذار بالفصل أو إبعاده عن عمله وهو المتسبب في ذلك؟!

لا يا سيدي فقضية ماهر تتكرر كلّ يوم في مستشفياتنا. ونحن نواري تلك الأخطاء التي لا يدفنها التراب! والأدهى من ذلك أننا نلقي ما حدث على القدر!

ونعم بالله. نعلم ذلك ولا نستطيع إلا الإيمان به إيماناً تاماً.

ولكن يا سيادة القاضي حينَ نعلم أن المواربة والكذب والاستهتار هما السبب الرئيسي في نهاية حياة طفل لا حول له ولا قوة سوى أن والديه سلماه ليد طبيب غير أمين، لم يحترم مهنته ويعطيها حقها!

سيادة القاضي مات ماهر، ومات معه السر، والجناة أحرار يحيّون يأكلون، يشربون، يضحكون! مات ماهر ودفن تحت الثرى، فهل ينتهي الأمر إلى هذا الحد!

يا للألم والحسرة، كلّ الكائنات البسيطة تبحث عنه حجرته، كرته، سريره، أقلامه لعبه دفاتره، انطفأت شمعة ماهر، وأسرته تذرف المرار ولا يجف دمعها.

حضرة القاضي نحن لا نطالب سوى باتخاذ أقصى العقوبة لمثل هؤلاء العابثين بأرواح الناس!

عفوك أن قلتُ هناك جانٍ يفعل ما يحلو له ولا بد أن ينال عقابه!

سيدي القاضي سأنهي ورقتي التي بللها الدمع والألم الذي يعتصر نفسي، هذا الشجن المنهك المغموس برائحة الفقد، وهذه المساحة التي تتعثر فيها مفرداتي، وتلك العتمة التي جثمت بأشباحها على صدري، إحساسٌ أجوف لا يمكن وصفه.

كثيرة هي وخزات الألم والأكثر الثقوب والجروح التي أمست في القلب لفقد فلذة الكبد!

ليس في رواق الذاكرة سوى الألم، والحمد لله في الآخرة والأولى، (إنا لله وإنا إليه راجعون).

مرفأ

أتساءل: هل أخطاء الأطباء يدفنها التراب؟




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد