نعم هذه هي الحياة كل إنسان مهما عاش فمصيره الموت وكل من نحب لا بد من فراقه يوماً ما لكن ما أصعب فراق العم وما أشد وقعه على النفس (عمي عبدالله) تلك الكلمة التي أستمتع بنطقها وترديدها عند زيارته كيف لا وعمي وأبي هما العمودان الأساسيان لأسرتنا المترابطة فقد كان أبي (عبدالعزيز) وعمي (عبدالله) نعم الأخوان المتحابان الوفيان المخلصان منذ صغرهما بعد وفاة جدي (رحمه الله) تحمَّلا أعباء الأسرة بالرغم من صغر سنهما فكانا النصفان المكملان لبعضهما البعض لقد كانا متلازمان في كل شيء ومن ثم انضم إليهما باقي إخوتهما وأكملوا المسيرة سوياً فكانوا نعم الإخوة في العمل متشاركون متلازمون وفي بيت واحد - مجمع واحد - يسكنون وعلى وجبة الغداء لم يفترقوا منذ خمس وثلاثين سنة سطروا أروع نموذج للأخوة الصادقة للأخوة الحقيقية التي لا يفرقها إلا الموت بالرغم من وفاة أبيهما وأمهما فما أروعها من أخوَّة فقد كان عمي عبدالله (الأب الثاني لنا) وأبناء عمي (إخوتي). كان خبر مرضه منذ شهور قليلة صدمة مروعة هائلة ملأت الجفون بالدموع اعتصر القلب ألماً وحزناً ولهج اللسان بالدعاء ليلاً نهاراً لهذا العم الكريم السخي الفذ في أخلاقه وتسامحه مع الجميع فقد كان ممن قال تعالى فيهم: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس) اتصف بالصبر والتحمل، ملك قلوب الناس بحسن تعامله، والكل يشهد له بذلك حتى الصغار في أثناء مرضه كانوا يدعون له. نعم (يا عمي عبدالله) أنت من يصافح الصغير ويقول دائماً (أهلاً صديقي كيف حالك) حتى أن أبنائي في أثناء رحلتك العلاجية يذكرونك بهذه الأنشودة التي يرددونها في فناء منزلنا بلحن جميل ومشاعر صادقة: |
عمي عبدالله |
عمي يا غالي |
شفاك المولى |
وحماك الحامي |
يا أخو بابا |
يا عضيده الحاني |
يارفيق دربه |
يا صديقه الوافي |
يا شمعه لغيره |
تضيء الليالي |
تشهد البرية |
بطيبك المتناهي |
يافرحة عيناي |
برجوعك متعافي |
لكن قضاء الله وقدره فوق كل شيء إنه الموت حتم لازم لكل مخلوق حي قال تعالى : (كل من عليها فان) وهذا طريق كلنا سنسلكه نعم خبر موته منذ أيام قليلة صاعقة هزت الكيان تلعثم اللسان انهمرت الدموع أصبح النهار ظلاماً بالرغم من ضوئه الساطع فالحمد لله كثيراً على نعمة الإسلام التي تجعلنا نصبر ونحتسب الأجر من الله بفراقك ياعمي. |
لكن ما يخفف مصابنا الجلل جموع المصلين الذين اكتظ بهم جامع الملك خالد (رحمه الله) وكأنها ليلة السابع والعشرين من رمضان ناهيك عن المشيعين لجثمانه في المقبرة الكل يتسابق لحمله الكل يبكيك يا عماه الصغير والكبير القريب والبعيد العامل والخادم مشهد مؤثر في قلوب محبيك فهنيئاً لك يا عمي تلك الخاتمة الحسنة هنيئاً لك حب الناس هنيئاً لك تلك الجموع التي تذهب للسلام عليك والدعاء لك في المقبرة بعد أيام من دفنك هذا بفضل الله ثم بفضل سمو أخلاقك الإنسانية. |
ستظل يا عمي عبدالله تعيش في قلوبنا وبيننا بأعمالك المشرقة وسيرتك العطرة سنظل نفتخر ونعتز بك للأبد سنظل ندعو لك ولأموات المسلمين ما حيينا. |
وداعاً عمي الغالي وصديق أبي ورفيق دربه. |
وداعاً مدرسة العطاء والبذل والكرم. |
وداعاً صاحب الحكمة والدعابة البريئة والابتسامة الحانية والظل الخفيف.وداعاً يا من كان باراً بوالدته وأهله. |
وداعاً صاحب الخلق الرفيع يا من يفيض بالحب والرحمة للجميع. وصبراً يا أبي ونور عيني يا أيها الحضن الدافئ لأسرتنا.صبراً يا صاحب القلب الكبير صبراً يا أبا محمد - أطال الله في عمرك -.صبراً يا عمي الشهم سعد وفهد وخالد. |
صبراً يا أبناء عمي عجلان وإخوانه ومنى وأخواتها. |
صبراً يا أم عجلان ويا أم سعد أعانكما الله. |
صبراً عماتي الحبيبات صبراً لأسرة العجلان. |
رحمك الله يا عمي عبدالله وجعل قبرك روضة من رياض الجنة وجمعني بك ووالدي وكل مسلمة في جنة عرضها السماوات والأرض وألهمنا جميعاً الصبر والسلوان إنه ولي ذلك والقادر عليه. |
|