Al Jazirah NewsPaper Monday  21/04/2008 G Issue 12989
الأثنين 15 ربيع الثاني 1429   العدد  12989
هيئة الأمر بالمعروف ورؤى حول صيانة المجتمع
مندل عبدالله القباع

ما من شك أن المهمة التي تضطلع بها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتمحور حول (الإقبال على محاسن القول والفعل) فمهمة هذا شأنها فهي تقصد تعميم الخير في نفوس الكافة وأفعالهم والخير ليس خيراً مطلقاً - بطبيعة الحال - بل إتيانه في حدود الممكن والمتاح.

وتقديرنا لما تقوم به هيئة الأمر بالمعروف عمل جليل بكل المقاييس يسجل لها بكل فخر واعتزاز نظراً لتمثله بالقيم الإسلامية والحضارية، إنها سمة تميز حيث تميز مجتمعنا عن سائر المجتمعات على مساحة المعمورة بموجب ما تتضمنه من خصائص إيجابية وفاعلة ركيزتيها: (قيم) ثابتة: و(ثقافة) ذات خصوصية - إلى حد ما - تؤكد هويتنا الإسلامية، ومسيرتنا الحضارية على مر التاريخ والعصور.

إن المجتمع الذي ينهض على قيم راسخة وثقافة ممتدة تعكس روح الانتماء السوي هو الذي يصنع هويته الذاتية - ولا تخلع عليه أو تفصل له - لأنه إذا لم يكن ذلك كذلك لافتقدنا هويتنا الأصلية. واختلطت المفاهيم، وضاعت الخصائص المتفردة التي ينبني عليها صرحنا الاجتماعي ففي تلاشي الهوية يضعف معها الانتماء.نذكر هنا بمناسبة وقوع أحداث جسام بطلها بعض أعضاء الهيئة لا تعبر إلا عن تصور في فهم المهمة وتبعاتها وأبعادها أو تشير إلى قصور في الإدراك الواعي فأضاع المقصد من المهمة.

إنه وقوع هذه الأحداث - لاشك - تؤثر في مكانة ووضعية الهيئة ومقاصدها الرفيعة النبيلة التي هي محل تقدير واحترام الجميع، ونرصد بعض من هذه الأفعال وهي أفعال سيئة السمعة ولا يليق أن تصدر من عضو من أعضاء هذه الهيئة العظيمة التي نجلها ونحترمها، ونقدر دورها الثمين في صيانة المجتمع أفراداً وجماعات لإرساء قواعد الأخلاق الحميدة لقصد خير أمة أخرجت للناس لمن كرمهم الله على العالمين من حمل الأمانة وكلف بإعمار الأرض.

وكأن رجل الهيئة أراد - على قدر وعيه بالفعل وأبعاده - أن يدفع ويجتهد بدفع المنكر منكراً آخر أعظم هولاً، ومن أمثلة ذلك:

- موت المواطن (الحريصي) في هيئة العريجا.

- موت المواطن (البلوي) في أحد فروع الهيئة في مدينة تبوك.

- احتراق شاب وشابة بعد اصطدام سيارة الشاب بشاحنة وماتا حرقاً بعد مطاردتهما من قبل رجل أو رجال الهيئة في مدينة تبوك كما أوردت ذلك جريدة عكاظ يوم الأحد بتاريخ 15-3-1429هـ.

- سقوط شاب من الدور الثالث ووفاته هروباً في المنطقة الشرقية.

أن يفعلوا ذلك من خلال تقديرات شخصية للموقف - وليست موضوعية - والتقديرات الشخصية التي لا تقوم على أسانيد وحجج ومنهجية تفكير علمية تربط ما بين المقومات والنتائج. الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لن يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) وهنا أؤكد على قوله صلى الله عليه وسلم من رأى وليس من شك.

من هول الأحداث التي ذكرتها والتي قامت على تقديرات شخصية محضية، وفاقد الشيء لا يعطيه، فقد تأثرت مصالح الجماعة والوطن، كما وأنها دفعت بظهور بعض القضايا التي كانت بمثابة مسلمات من قبل مثل قضية الانتماء والمواطنة وهذا من جراء ما فعله هؤلاء الأعضاء من خروج على المثل العليا للوطن بأفعال ضبابية لا سوية كانت نتائجها مشينة لسمعة الهيئة التي نحترمها، كما يحترمها الجميع ويجلها، أفعال لا حجية لها ولا فائدة منها لأنها لم تقصد الصالح العام.ويحدونا القول بأن هذه الأفعال المستهجنة كانت موجهة لبعض من الشباب وهذه الفئة بحكم خصائص المرحلة السنية في مسيرة النمو لها مطالب يتوجب سدها مع ضرورة احتوائها حيث يلزمها الموضوعية والحكمة في التربية والتوجيه بإطفاء اللا مرغوب في دائرة السلوك واستدخال سلوكيات مرغوبة تحتاج لتعزيز كما يقول خبراء علم النفس التربوي.وإزاء ذلك لا نريد من الهيئة أن تتمحور حول ذاتيتها وخصوصيتها لأنها منظمة من منظمات المجتمع - في تكامل مع باقي منظمات المجتمع التربوية والدعوية والإرشادية مهمتها الأساسية كما نراها نحن الاجتماعيين تتمثل في التصدي لمشكلات السلوك ليس بالكر والفر والعنف والعدوان

{وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}

وإزاء ذلك لا نريد من عضو الهيئة أن ينشغل بنشاط مباحثي أو مخابراتي فهناك أجهزة في آلية الدولة مسؤولة عن هذا ولا بإصدار أحكام بشأن سلوكيات بعض الأفراد لأن لدينا قضاء شامخا وعادلا مسؤولا عن ذلك وفق شرع الله.كما لا نريد من عضو الهيئة أن يغض الطرف أو يتناسى أو يتجاهل أو لا يعبأ بمظاهر التطور الحادثة في العديد من مناحي الحياة تبعاً لحركة التغير الاجتماعي وما يواكبه من ظواهر لا سوية فشخص كهذا ومن على شاكلته يشوهون صورة التطور الاجتماعي الحادث في مجتمعنا ومن أماراته تلك المستويات المبهرة في التعليم والصحة والاقتصاد والتكنولوجية.هؤلاء النفر من أعضاء الهيئة يمثلون إعاقة لعلاقات التفاعل بين قوى المجتمع الساعية لتحقيق التنمية المستدامة كما يمثلون صداً مانعاً لتحقيق برامج التحديث والتطور التي تحتاج لقوى وطاقات المجتمع كله بكافة فئاته لبلوغ غاية التطور والنهضة الحديثة بالاعتماد على قيمنا الإنسانية وثقافتنا التليدة ورسالتنا الحضارية.يعكس هذا توصيتنا لأولي الأمر بضرورة الاهتمام بانتقاء العناصر المثقفة ثقافة دينية وعامة من ذوي السلوك الحميد والمشهود لهم بالحكمة والاستقامة وحسن التصرف وأن يكون مؤهلا تأهيلاً عالياً مناسباً وأن تعقد لهم دورات متتالية لتزويدهم بالمعارف والمهارات الضرورية، وأن يعاد النظر في هيكل الأجور والمرتبات والحوافز التي تقدم لهم في حالة الإجادة في عملهم.. وأن توزع عليهم نشرة دورية تتضمن مستجدات العصر في المجال العلمي والمعرفي والثقافي، كما أوصى بإصدار ميثاق شرف المهنة يلتزم به أعضاء الهيئة ويعملون بمقتضاه ويدون به توقيع عقوبات لمن لم يلتزم بالميثاق. هذا ما نأمله من دور مرتقب لرجال الهيئة صيانة وصلاح المجتمع والله المستعان.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد