Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/04/2008 G Issue 12991
الاربعاء 17 ربيع الثاني 1429   العدد  12991
حديث المحبة
من بين القبور أحدثكم
إبراهيم بن سعد الماجد

أزعم وقد أكون محقا بأن قلوب البشر أصبحت مثل الحجارة أو أشد قسوة وعندما أصفها بذلك فإنني لا أعني القلوب بشكل عام، فذلك مثبت في محكم التنزيل، ولكني أعني تلك القلوب التي لا تخشع ولا تذل وهي في موقف العظة والرجوع إلى الله ولو بالقلب (كفى بالموت واعظاً) فمن لم يتعظ بالموت فلن تنفع معه عظات الواعظين ونصح الناصحين، في كتب التاريخ وسير الملوك والسلاطين لم يكن هناك ما يمكن أن يعيد الظالم عن مظلمته ولا المتكبر عن تكبره إلا مشهد الجنازة وروعة الفراق، ولذا فتجد أجود القصائد تلك التي قيلت في الرثاء، وما الخنساء وصخر عن أذهاننا ببعيدين، تقف على شفير القبر فترى بأم عينك مكانك الذي ستؤول إليه إن عاجلاً أو آجلاً، ومع ذلك تلتفت إلى من خلفك وتأخذ بيده قليلاً، وتبدأ معه في حديث أقل ما يقال عنه: إنه لا يناسب مع عظم الموقف ويأتيك آخر رغما عنك ويمازحك في هذا الموقف المهيب وكأنه لا يعي ماذا يعني أن نضع هذا الصديق أو القريب أو الحبيب في جوف الأرض ونودعه، أعجب أشد العجب من تلك القلوب التي لا تلين في هذا المشهد وهذا الموقف، على مدى عشرة أيام أو تقل زار الموت أحبابا لنا كان أولهم رجل الأعمال عبدالله بن محمد العجلان ذلك الرجل الذي شهد له الجميع بقوة الإيمان وحسن الخلق وطيب المعشر، فكان لفراقه لوعة وحسرة هونها هذا اليقين بأنه ما رحل إلا عن يومه فقط، وبعده بأيام قليلة رحلت أم مهنا بن ماجد المهنا تلك المرأة التي بكاها الصغير قبل الكبير وما ذلك إلا لذاك القلب الأبيض الذي لا يعرف الحقد ولا الحسد ولا الضغينة، تلك الزاهدة في المظاهر الجوفاء المقبلة على رب الأرض والسماء بحبها للجميع وحرصها على صلتها مع ربها، ولذا كان الجميع حاضراً في جنازتها باكيا لفراقها، فعلى عظم مصيبة رحيلها على ولدها وأحبابها إلا أن هذا الحب الكبير وهذه الدعوات الصادقة من الجميع خفف المصيبة، وبعدها بيومين رحل ذاك الشيخ الذي كا يملأ الدنيا أنسا وفرحا إذا حضر، عبدالله بن محمد الزياد، كان-رحمه الله- دمث الأخلاق ودوداً بشوشا كريما تقيا الجميع يتفق على محبته، رحل بعد معاناة مع مرض طويل، نسأل الله أن يكون مكفرا لذنوبه رافعاً لدرجاته، أذكر هذا الرحيل لهؤلاء الثلاثة الأحبة الذين اشتركوا في شيء واحد جعل منهم فقدا كبيرا، وجعل الجميع يتذكرهم بمزيد من المحبة ومزيد من الدعاء الصادق لهم بالمغفرة والرضوان، ذلك هو حسن الخلق.. نعم إنه حسن الخلق الذي أخبر الصادق المصدوق- صلى الله عليه وسلم- إنه أول ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة، رحلوا وتركوا هذه الرسالة التي لو وعيناها وتدبرنا وقعها يوم رحيلنا عملنا جهدنا بغية أن نكون مثلهم ذلك هو حسن الخلق، ما أجمل أن تكتم غيظك، وما أجمل أن تعفو عمن ظلمك، وما أجمل أن تصل من قطعك، وما أجمل أن تعرض عن أعراض الناس كل ذلك يتحقق إذا عملنا لهذه الساعة العصيبة ساعة الفراق.. ساعة القبر وظلمته، أكتب هذه الأسطر وقلبي هناك مع الأحبة الثلاثة الذين تركوا وخاصة لنا نحن أهلهم وأقرباءهم هذه الرسالة العظيمة (عليكم بحسن الخلق).



almajd858@hotmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5968 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد