Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/04/2008 G Issue 12991
الاربعاء 17 ربيع الثاني 1429   العدد  12991
الأمير سعود.. الدبلوماسية الهادئة والعمل الدؤوب
صلاح سعيد أحمد الزهراني - الرياض

الحمد لله الذي قيض لبلادنا الطيبة المباركة قيادة رشيدة حكيمة يعز بها الوطن والإنسان وتحمي بها العقيدة والدين ويصان بها الجوار، وتسعى لإرساء دعائم الأمن والتعايش السلمي بين شعوب الأرض، فكل من أتيحت له فرصة خدمة الوطن في شتى المواقع كان إخلاصه رفيعاً رفعة مملكتنا الغالية ولائقاً بعظمة دولتنا الفتية وملبيا لتطلعات القيادة وطموحات المواطن.

والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أحد أبناء الوطن المخلصين، ورجال الطراز الأول الأوفياء الذي يستحقون أن نعطيهم النذر اليسير من حقهم على كل صاحب قلم وفيّ لهذا الوطن وولاة الأمر يحفظهم الله، لقد عرفت هذا الرجل قبل ما يزيد عن أربعة عقود عندما كنا زملاء عمل في مؤسسة بترومين، مع فارق المركز الوظيفي، حيث كان لدينا من الوقت (كزملاء) في تلك المؤسسة ما يتيح لنا القيام برحلات برية في أماكن أصبحت اليوم أحياء مكتظة بالسكان، فعرفت فيه النزاهة وحسن الخلق والتعامل اللائق مع الموظفين، كيف لا وهو ابن الفيصل مؤسس التضامن الإسلامي كإنجاز سعودي خالص على المستوى الإسلامي والعربي، ما زال يؤتي ثماره إلى اليوم والغد أيضاً (رحم الله الملك فيصل وأسكنه فسيح الجنات)، نعم عرفت الأمير سعود الفيصل قيادياً بمقاييس رفيعة المستوى، ومسؤولاً بصفات القيادة المسؤولة الحكيمة، وإنساناً بسمات فريدة متميزة، منذ أن كان مسؤولاً عن مكتب العلاقات البترولية الذي يشرف على تنسيق العلاقة بين الوزارة وبترومين، ثم نائباً لمحافظ بترومين لشؤون التخطيط، ثم وكيلاً لوزارة البترول والثروة المعدنية، وفي عام 1975م صدر مرسوم ملكي بتعيينه وزيراً للخارجية بعد أن شغر المنصب بوفاة والده الملك فيصل (رحمه الله) الذي كان وزيراً للخارجية وهو ملك على البلاد، حمل سعود الفيصل هموم الوطن وعلاقاته الخارجية في قلبه دون كلل أو ملل، وعشق الدبلوماسية، وسقى شجرتها المورقة من صبره اللامحدود وأدبه الجم، وخبر دروبها ومسالكها التي لا يستطيع السير فيها إلا من حباه الله فكراً وحكمة وثقة مثلما حبا أمير الدبلوماسية وعميد سلكها العالمي، فأخلص في خدمة ربه ومليكه ووطنه من خلال تنفيذ سياسات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله، وشمر عن ساعد العزم والعطاء والجد لسد الثغرة وملء الفراغ الذي استطاع أن يحسن ملأه، فأمضى أكثر من ثلاثة عقود في عمل دؤوب وحركة لا تعرف التراخي وإخلاص في صمت وحماس في هدوء واهتمام بتريث، فأعطى هذه الوزارة من سنوات عمره النضر جهداً مثمراً متصلاً عبر السنوات حتى ازدهرت وارتقت وتميزت دون وزارات الخارجية في الدول الأخرى أداء ورصانة وفاعلية وهيبة.

ظل سعود الفيصل يحمل همومنا أميناً على المسؤولية ووزيراً للخارجية، ينسج من خيوط أصالة شعبنا وقيمه وطموحات قيادته الرشيدة ثوب الدبلوماسية المرن الناعم الذي لا يخدش أحداً ولا يسيء التصرف ولا يخالف الأعراف والمواثيق الدولية، ويبني من قوة دولتنا ومكانتها السياسية والاقتصادية وقوة وإرادة القرار الوطني الناضج والحكيم، جسور التواصل والتآخر مع الآخرين حتى صارت كل دول العالم (بلا استثناء) تكن لنا كل الاحترام والتقدير.

نعم حمل الأمير سعود الفيصل، دبلوماسية بلادنا على كتفيه عقوداً فاشتهر بالحكمة في صمته والجدية في قوله، والصدق في التوجه، والنشاط والحيوية في حله وترحاله، وفي كل لقاءات وزراء الخارجية العرب كان مميزاً بحكمته وأدبه الجم وعرف بالصمت في مواضع التريث، والصدح بالحق في مواضع الكلام، أكثر من ثلاثة عقود وهو يقود دفة السياسة الخارجية بحنكة أبرز من خلالها الحكمة التي انتهجتها قيادتها الرشيدة دوما، كيف لا وهو عميد الدبلوماسية العالمية، الذي ظل يؤكد مواقف المملكة الثابتة تجاه القضايا العربية والإسلامية والإنسانية، بما ينسجم مع سياسة المملكة ورؤية قيادتنا الحكيمة (أيدها الله)، فالمبادرة العربية الشجاعة التي أطلقها المليك، قدمها الأمير سعود الفيصل للعالم، وطرحها بقوة ومنطق وإقناع لتحوز على استحسان المجتمع الدولي وتقديره، وعلى الصعيد الإقليمي والدولي انسجمت تحركاته مع توجهات القيادة بما يرسي دعائم العدل والسلام ويحفظ كرامة الشعوب، ويصون حقوقها المشروعة.

لم يخرج الدبلوماسي المخضرم عن حكمته وهدوئه في يوم من الأيام ولا عن المسار الهادئ الحكيم لسياسة المملكة الخارجية في مختلف الظروف.. حتى أرسى مدرسة دبلوماسية تنهل من معينها الأجيال، استطاعت أن تعزز مكانة المملكة الدولية والإقليمية التي زادت رفعة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز (حفظهما الله) ورعى بلادنا الطيبة وأدام عليها نعمة الأمن والإيمان والاستقرار والرخاء والوفرة، إنه سميع قريب مجيب.

هذا ما جادت به خواطري من ذكريات الماضي، وواقع ماثل مثول الحقيقة للعيان، خطها قلمي في محاولة لانصاف هذا الرجل الذي بذل الوقت والجهد بل والعمر في سبيل بلاد أعزها الله بأبنائها المخلصين وهم كثر. أسأل الله عز وجل أن يوفق الجميع لخير البلاد والعباد إنه ولي ذلك والقادر عليه.



alkatbz@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد