Al Jazirah NewsPaper Monday  28/04/2008 G Issue 12996
الأثنين 22 ربيع الثاني 1429   العدد  12996
مواسم استغلال المستهلك قادمة (2-3)
د. فهد بن عبدالرحمن بن عبدالله السويدان

استكمالاً لمقالنا السابق نجد أن معدل التضخم ليس مقياساً دقيقاً لمعرفة الأضرار على الوضع المعيشي. ترتفع تكاليف المعيشة ارتفاعاً كبيراً فيرتفع صوت المواطن وتزداد حدة شكواه وتبرمه، حتى إذا ما صدر معدل تضخم الأسعار من قِبل مؤسسة النقد في كل نهاية شهر برقم يوحي بأن هذا التضخم صحي وطبيعي وغير مقلق ازداد هذا المواطن المسكين حيرة وعجباً؛ إذ كيف يصدق هذا المعدل المطمئن وهو يرى أن السلع والمنتجات التي يشتريها بشكل دائم ترتفع أسعارها في كل شهر عن الشهر الذي قبله حتى ليكاد دخله الشهري يعجز عن تغطية تكاليفها مع أن استهلاكه للمنتجات في كل شهر هو الاستهلاك نفسه، ويزول هذا العجل إذا عرفنا أن معيار قياس التضخم قد لا يكون في بعض الأحوال مقياساً دقيقاً لمعرفة حجم الأضرار المباشرة لارتفاع الأسعار على وضع المواطن المعيشي؛ ذلك أن معيار التضخم لا يفرق بين ما هو ضروري وأساسي ومستهلك بشكل أكبر لدى المواطن من المنتجات والخدمات والسلع، وما هو كمالي وثانوي مستهلك بشكل أقل، وإنما يقيس معدل تضخم الأسعار في السلع والمنتجات بشكل عام؛ إذ يقوم في نهاية كل شهر أو ربع عام بقراءة أسعار ما يزيد على (400) سلعة ومقارنتها بأسعارها في الأشهر الماضية، وقد تكون بعض السلع المنخفضة أو المستقرة في أسعارها التي شملها المسح من السلع والمنتجات الثانوية والكمالية لدى المواطن الفرد، بينما تكون السلع الأساسية تذوب - عند قياس معدل التضخم - في أسعار السلع الكمالية والثانوية المستقرة والمنخفضة، فحينئذ لا يكون لارتفاع أسعار السلع الأساسية كبير تأثير في معدل التضخم.

كما هو معروف، ونتيجة لارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي فإن أي انخفاض في أسعار صرف الدولار أمام العملات الرئيسة العالمية كان ينعكس على شكل انخفاض لقيمة الريال السعودي أمام العملات الرئيسة العالمية في ظل ثبات باقي المتغيرات الاقتصادية.. فتكون محصلة ذلك ارتفاعاً في قيمة الواردات إلى المملكة من تلك الدول (كما حصل في الفترة الأخيرة) وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة أو ما يعرف بالتضخم الذي يقل من معدلات النمو الاقتصادي لأي دولة.

بعد ارتفاع معدلات التضخم في المملكة أخيراً وظهور مطالب تدعو إلى إعادة تقييم سعر صرف الريال أمام الدولار الأمريكي، أسوة بالخطوة الجريئة التي أقدم عليها البنك المركزي في دولة الكويت الشقيقة، فقد صرح معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي عقب مشاركته في افتتاح مؤتمر يوروموني في الرياض قبل نحو ثلاثة أشهر بتصريح أكد فيد أن رفع قيمة الريال السعودي أمام العملات الرئيسة العالمية لا يساهم في خفض التضخم، في حين رمز معاليه إلى أهمية التنسيق ووضع برامج للإنفاق الحكومي لتجنب الضغوط التضخمية.

لحل أي معضلة يجب علينا أن نتفق أولاً: على تحديد أسباب المعضلة بصراحة ووضوح، وهنا أود أن أسأل المعنيين وأصحاب القرار: ما هي إذاً أسباب حقيقة ارتفاع معدلات التضخم في المملكة؟ وهل لارتفاع أسعار العملات الرئيسة العالمية دور في ذلك؟ ولماذا هذا التضاد في تحليل أسباب التضخم؟ (فإذاً أين الحقيقة)؟ وقد ذكرت نشرة الإحصاءات العالمية أن سعر الطن للأرز بثلاثمائة دولار، يضاف إلى ذلك خمسة وعشرون في المائة أجور نقل، أي أن الطن قيمته وقيمة أجور نقله تساوي ثلاثمائة وخمسة وسبعين دولاراً بينما يذكر بعض التجار أن سعر الطن في المملكة بتسعمائة وخمسين دولاراً، وفي الحقيقة الفرق أكثر من مضاعف، فلماذا هذا الجشع؟

*الأستاذ الأكاديمي وعضو المصالحة وعضو التحكيم



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد