Al Jazirah NewsPaper Monday  28/04/2008 G Issue 12996
الأثنين 22 ربيع الثاني 1429   العدد  12996
معتبراً الوقف من مصادر التنمية الاجتماعية والعلمية والاقتصادية.. القرني:
القضاة بحاجة إلى بيان الطرق التي تحفظ أوقافهم

أوضح فضيلة رئيس محاكم الباحة الدكتور مزهر بن محمد القرني أن إثبات الأوقاف تتنوع بين الإثبات باللفظ أو الفعل أو الكتابة وأحياناً بالاستفاضة والاشتهار بحيث يشهد الشهود أنهم يعرفون هذا الموضع من مدة قديمة وقفاً.

جاء ذلك خلال ورقة العمل التي ألقاها في الجلسة الثانية من ندوة التصرفات في الأوقاف والتي تقام في جازان برعاية الأمير محمد بن ناصر بن عبد العزيز أمير منطقة جازان، وأبان الدكتور القرني أن ألفاظ إثبات الوقف قد تكون صريحة مثل وقفت وحبست وقد تكون كنائية مثل تصدقت وأبدت وحرمت، وبالتالي إذا كانت الألفاظ صريحة فقد أجمع الفقهاء على أن صرائح الألفاظ لا تحتاج إلى نية لدلالتها بخلاف ألفاظ الكناية التي تحتاج إلى نية أو وصف يدل على الوقف وبالتالي فإن اللفظ الكنائي لا يثبت به الوقف إلا بقرينة تزيل هذا الاحتمال حتى يثبت الحكم الشرعي لها، أو لا يثبت، وغالباً ما تكون القرينة هي النية إذ عليها مدار الأحكام.

وأشار الدكتور مزهر إلى اختلاف العلماء في صحة إثبات الوقف بالفعل حيث ذهب بعضهم إلى صحة انعقاد التصرفات المنفردة التي يصح التصرف فيها من جانب واحد بالمعاطاة فيحصل الوقف - عندهم - حكماً بالفعل مع القرائن الدالة عليه، مثل أن يبني مسجداً ويأذن للناس في الصلاة فيه، أو مقبرة ويأذن في الدفن فيها، أو سقاية ويأذن في دخولها وبمثله قال المالكية: إن من (بنى مسجداً وأذن في الصلاة فيه فكالصريح، لأنه وقف، وإن لم يخص زماناً، ولا شخصاً، ولا قيد الصلاة فيه بفرض، ولا نفل، فلا يحتاج إلى شيء من ذلك، ويحكم بوقفيته).

بينما خالف الإمام الشافعي الجمهور في صحة جواز انعقاد التصرفات المنفردة بالأفعال، وقال: لا ينعقد التصرف إلا باللفظ - وهذا رواية عن الإمام أحمد -، فلا يصح الوقف بغير صيغة كغيره من التمليكات فلو أذن في الدفن في ملكه لم يصر مقبرة، وإن دفن فيه، وكذا لو بنى بناء على هيئة مسجد، وأذن في الصلاة لم يصر مسجداً، وإن صلى فيه، إلا أن يكون بموات فيصير مسجداً بالبناء والنية.

ثم رجح الدكتور مزهر ما ذهب إليه الجمهور من صحة انعقاد التصرفات بالأفعال وبكل تصرف يدل على الرضى، مستشهداً بقول ابن قدامة: ولنا أن العرف جار بذلك، وفيه دلالة على الوقف، فجاز أن يثبت به كالقول، وجرى مجرى من قدم إلى ضيفه طعاماً كان إذناً في أكله، ومن ملأ خابية ماء على الطريق كان تسبيلاً، ومن نثر على الناس نثاراً، كان إذناً في التقاطه، وأبيح أخذه، وكذلك دخول الحمام واستعمال مائه من غير إذن مباح، بدلالة الحال ثم تطرق الباحث إلى إثبات الوقف بالكتابة ورجح كلام الجمهور بأن التعبير بالكتابة عن التصرف صحيح ويقوم مقام اللفظ إذا كان المتصرف عازماً على إنفاذ إرادته، وله نية في تحقيق الوقوع، حيث تقوم الكتابة مقام اللفظ في إبراز الإرادة الخفية إلى حيز الوجود، لكنه اشترط وضوح الكتابة واستبانتها وأن تكون على هيئة الخطاب أو الرسالة حتى لا يشك في أنها كتبت لتجويد الخط أو التسلية أو غير ذلك مما لا يوجد فيه نية وقوع الوقفية واختتم فضيلة رئيس محاكم الباحة بحثه ببيان جواز إثبات الوقف بالاستفاضة عن طريق شهادة السماع، لأن الوقف إذا طال زمنه، عسر إثباته بالبينة بسماع القول، ومشاهدة القائل، لأن الأحباس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد الخلفاء الراشدين ليس لها إثبات إلا بالسماع ثم استمع الدكتور مزهر والحضور إلى مداخلات الحضور، وبين أن الوقف باب من أبواب الخير التي نشأ منذ أسست الدولة الإسلامية في المدينة وانتشر الإسلام في جميع بقاع الأرض وأصبح مصدراً من مصادر التنمية الاجتماعية والعلمية والاقتصادية، ومبدأ من مبادئ التكافل الاجتماعي وقد حقق الوقف على مر العصور حماية الأسر الفقيرة من ذل المسألة، وكفالة الأيتام، ورعاية العجزة، والمسنين من الضياع، بل عمل الوقف على تخليص السجناء من غياهب السجون، بقضاء ديونهم، وفكاك أسر المأسورين، ومن هذا المنطلق كان لابد من استقصاء وسائل وطرق إثبات الأوقاف المنتشرة بأيدي الناس، والوصول إلى جمع شتاتها حتى لا تضيع كما ضاعت كثير من الأوقاف في بعض الدول الإسلامية التي جعلها أصحابها على الحرمين الشريفين وغيرها من المجالات حتى امتدت إليها يد البغي والعدوان، فصادرت أصولها، وغيرت مصارفها، وضيعت غلاتها.

وبين أن المجتمع من القضاة والشهود وأصحاب الثروة الذين يرغبون في إنشاء الوقف بحاجة إلى بيان هذه الطرق التي تحفظ لهم أوقافهم.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد