Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/05/2008 G Issue 12999
الخميس 25 ربيع الثاني 1429   العدد  12999
نوافذ
الخرافة
أميمة الخميس

الضعف الإنساني أمام الكون وغموضه وشروره ومنعطفاته، تجعل الإنسان في كثير من الأحيان يقع أسيرا للعديد من الكمائن التي تنحدر بقيمه وكرامته ووعيه.

الأسبوع الماضي اتصلت بي هاتفيا سيدة ذات صوت متوهج، لتخبرني بأنها معلمة متقاعدة ولتذكرني بمقال سبق أن نشرته في هذة الزاوية قبل ما يقارب الأربع سنوات عن مشعوذة تقبع في سوق شرق الرياض!! تقوم بكي الأطفال لعلاجهم، تلك الطريقة التي كان لها الكثير من العقابيل و المآسي والتبعات الصحية الخطرة على عدد من الأطفال الرضع اللذين أسلمهم أهلهم لفكي الجهل وغياب الوعي بسهولة ولامبالاة.

السيدة قالت لي عبر الهاتف بألم: إن هناك المزيد من العروض الشريرة التي مابرحت تمارس، وفي نفس السوق أيضا وضد البسطاء والمرضى وكبار السن.

نبرة السيدة كانت متألمة وصادقة، محملة بالاستنكار لمشاهد وممارسات تراها تقترب من حفلة الزار. في ظل غياب إعلامي أو تحرك من الجهات المعنية.

قبل أن أكتب المقال قمت ببعض التقصي الطفيف، لاكتشف أن هناك سيدة تقبع في سوق شرق الرياض (لاحظوا مكان عام ومطروق) وهناك تذاكر تباع بهدف الانضمام إلى حفلة مخاتلة الجن التي تدور بالداخل، وتجتمع النساء المريضات في غرفة مغلقة، ومن ثم تبدأ آلات الكشف والتقصي!! إما الكشف على اليد لاكتشاف نوع المرض ولا أدري هل هذا طب أو كهانة؟؟

أو النفث على المريضات بماء مجهول المصدر والمحتوى، وأخيرا تختار المعالجة بعض البسيطات المتهالكات لتنقض عليهن بدعوى مطاردة الجن في أنحاء أجسادهن.

المفارقة هنا أن العرض برمته يتم في غياب الرقابة، وفي ظل تقلص الوعي، وفي استغلال مؤلم للضعف البشري أما المرض والجهل والفقر.

جميعنا نعلم أنه من الصعب اقتحام المعتقد الشعبي للجماعة وتغييره أو السيطرة عليه، وأيضا من الصعب اقتصاص جذور تلك الخزعبلات من أرث ثقافي متواتر كبير من الخرافة والغيبيات.

ولكن من ناحية أخرى لابد أن يكون هناك مقاومة وتوعيه وإضاءة للمشهد، أي تحرك يستطيع أن يكبح أذرع الخرافة الطويلة التي تلتف على العقول والأدمغة وتفتك بالدهماء والسذج. وجلهم من الذين فقدوا تلك العلاقة النورانية الشفافة الحميمة مع الله سبحانه وتعالى، واستبدلوها بالوسائط والمتشفعين ومروجي الخرافة.

المفارقة الأخرى أيضا أنه في كثير من الأحيان تلغي الحدود وتختلط وتتداخل بشكل كبير بين المعالج الروحاني والكاهن والمشعوذ... لتتحول إلى سوق شاسعة وغامضة، بينما خارج هذا السوق تحدق المستشفيات وآخر ما توصل له العقل البشري من تقدم وتطور في مجال السيطرة على الأمراض، جميعهم يحدقون إلى مشهد في سوق شرق الرياض (مازال يمارس عروضه بصورة متوالية)....... ببؤس وحسرة.

لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6287 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد