Al Jazirah NewsPaper Friday  02/05/2008 G Issue 13000
الجمعة 26 ربيع الثاني 1429   العدد  13000
تغطية النفقة الاستهلاكية اليومية المعيار الرئيس الذي يوجِّه تحركات المتداولين
د. حسن الشقطي *

ربح سوق الأسهم هذا الأسبوع 312 نقطة لتكتمل مكاسبه حوالي 1118 نقطة تقريباً خلال شهر أبريل .. ويعتبر هذا الشهر من أكثر الشهور إثارة للجدل بين المتداولين، حيث تم فيه بدء تطبيق الهيكل الجديد كما طرح سهم الإنماء، كما أعلنت فيه نتائج الربع الأول من هذا العام .. وقد تمكن السوق من تحقيق طفرة فاقت الألف نقطة رغم كل هذه المستجدات .. ويبدو أنّ للإثارة بقية خلال شهر مايو، حيث تتطلّع كافة الأنظار لإدراج مصرف الإنماء بدءاً من النصف الثاني من شهر مايو .. وأيضا ترقب تحرك فاعل من سهم سابك الذي لم يتفاعل مع الصعود الأخير حتى الآن .. فضلاً عن استمرار التحركات العنيفة لإنعام .. وأيضاً ترقب طرح سهم معدينة الوافد الجديد .. أيضاً هناك مستجدات على الساحة الاقتصادية من أبرزها استمرار الإعلانات المتوالية عن ارتفاع معدلات التضخم المحلية .. وتحليق سعر النفط فوق الـ 116 دولاراً .. وترقب تخفيض جديد في سعر الفائدة الفيدرالي، وبالتالي توقع تخفيض سعر الفائدة المحلية .. إنّ التساؤل الذي يثير نفسه إلى أين يمكن أن تأخذ هذه المستجدات سوق الأسهم خلال شهر مايو الحالي؟ هل إلى اختراق الـ 11 ألف نقطة أم العودة إلى مستوى الـ 9900 نقطة؟

استمرار المسار الصاعد

لا جدال حول استمرارية المسار الصاعد للمؤشر حتى إغلاق الأربعاء .. ولكن رغم ذلك ينبغي الإشارة إلى أنّ هذا الصعود جاء متزامناً مع تراجع في مستوى السيولة المتداولة التي تراجعت من مستوى الـ 13 ملياراً خلال الأسبوع قبل الماضي إلى مستويات 8 ثم 9 ثم 11 ملياراً هذا الأسبوع .. وهو الأمر الذي يجب الاهتمام به في عدم الإفراط في تحديد مسار المؤشر .. فالصعود خلال الثلاثة أيام الأخيرة ربما يكون قد حدث بفعل التفاؤل بوضع السوق أكثر منه نتيجة وجود زخم حقيقي في حركة التداول .. وهو ما يثير القلق حول حقيقة السقف المقبول للمحافظ الكبيرة والمتوسطة لاستمرار زخمهم في السوق، ومن ثم إمكانية استمرار المسار الصاعد.

دلالات الاختراق السهل

لقد تمكن المؤشر من اختراق مستوى الـ 10 آلاف في يوم الثلاثاء الماضي بسهولة بدون وجود السيولة القوية، ولكن بدعم من قطاع المصارف التي أحرزت نتائج جيدة للربع الأول خلافاً للتوقعات. وقد حدث الاختراق بفضل التفاؤل الذي يسود السوق بهيكله الجديد، والأمل في استمرار الدخول في الأسهم الاستثمارية الجديدة، والتي من أبرزها زين وكيان .. ومع ذلك فلا يزال المؤشر خاسراً نحو 9% عن مستواه في بداية العام، بما يجعل احتمال استعادة قمته السابقة عند 11039 نقطة وارداً .. ولكن ماذا إذا صعد إلى هذا المستوى؟ هل هو قادر على استكمال الصعود إلى مستويات جديدة بعدها؟

السوق ما بين طاقات مستغلّة بقوة وطاقات معطّلة!

رغم أنّ الهيكل الجديد بدأ يدحر أسهم الخشاش تلقائياً وينبذها من نفسية السوق، ورغم أنّ هناك طلباً عالياً وكثيفاً على بعض الأسهم الاستثمارية الجيدة .. إلاّ أنّ هذه الميزة هي في حد ذاتها يمكن أن تخلق مساوئ من جانب آخر، لأنّ السوق أصبح منقسماً ما بين طاقات معطّلة في أسهم الخشاش غير المطلوبة، وبين طاقات استثمارية تستنزف سريعاً، فلا أحد يصبر على الاستثمار في سهم مهما كانت قوّته .. بل إنّ الجميع يتطلّعون إلى المضاربة الآن حتى في الأسهم الاستثمارية الجذابة .. ولكن إلى متى سيستمر الصعود بهذه القوة في هذه الأسهم الجذابة؟ بالطبع إلى حدٍّ معيّن .. فعلى سبيل المثال كيان وزين وجبل عمر وأخريات صعدت بنسب كبيرة مؤخراً .. ولكن هذه الأسهم هناك نقاط معيّنة يصعب عليها تجاوزها .. بعضها وصلت إليها .. ومن ثم فإنّ تثاقل صعود هذه الأسهم الاستثمارية خلال الفترات المقبلة قد يقف حجر عثرة أمام صعود حقيقي للمؤشر في الأسابيع المقبلة .. إنّ هذا الصعود السريع للأسهم الاستثمارية إنما يمثل استنزافاً لطاقاتها الاستثمارية التي يفترض أن تستهلك على مدى فترات زمنية تعادل فترات نموها الحقيقي في السوق، وخاصة أن كثيراً منها لم تبدأ الإنتاج بعد .. فعلى سبيل المثال صعود ينساب وكيان وأيضا بترورابغ بهذا الشكل يستنفذ من إمكانيات نمو أسعارها السوقية في المستقبل.

الاستثمار بهدف تغطية النفقة الاستهلاكية اليومية .. نمط محلي جديد للتعامل مع الأسهم

تتنوّع معايير تحركات الاستثمارات من سوق لآخر وحسب طبيعة المستثمرين وثقافتهم وغيرها .. ففي بعض الأسواق يكون معيار حجم العائد هو الأساس، وفي أسواق أخرى يكون معيار المخاطرة هو الأساس، وفي أسواق ثالثة يكون معيار المزاوجة بين العائد والمخاطرة .. ولكن في السوق المحلي المعيار الرئيسي يبدو أن سرعة الحصول على العائد هي المعيار الرئيسي للتعامل في سوق الأسهم .. ويمكن إثبات ذلك من خلال السعي لمعرفة أكثر العناصر ارتباطاً بحجم أو قيمة التداول في الأسهم المختلفة، وإذا طبقنا معها عناصر العائد على السهم وأيضاً مكرر الربحية وأيضاً القيمة الدفترية أو أيضاً مكرر القيمة الدفترية، نجد أنّ متغيري حجم وقيمة التداول للأسهم، يرتبطان بشكل كبير بمؤشر نسبة مشاركة السهم في قيمة رسملة السوق، وهي نتيجة غريبة وغير متوقعة .. حيث كلما زادت نسبة مشاركة السهم في رسملة السوق، كان حجم الطلب عليه (مقاساً بحجم التداول أو قيمة التداول) أعلى سواء شراءاً (استثمار حقيقي) أو حتى تدويراً (مضاربات).

بالطبع يرجع ذلك لسيطرة الأهداف المضاربية على المتداولين الذين يعلمون أن المضاربة في الأسهم الثقيلة (الأعلى مشاركة المؤشر)، إنما تخلق ميزة غير عادية تتمثل في إمكانية تأثير تداولاتهم على المؤشر، وبالتالي خلق توجهات تتطابق مع احتياجاتهم في السوق .. إنّ ثقافة غالبية المستثمرين في السوق تقوم على الحصول على أسرع عائد، وبالطبع يمتزج مع ذلك محاولات الحصول على العائد الأعلى .. إنّ المستثمرين في السوق يركزون أولاً على سرعة الحصول على العائد بغض النظر عن حجمه .. فالمستثمر المحلي يشعر بالنشوة لتحقيق عائد يومي، وليس لديه الاستعداد للتفكير في عائده الأسبوعي أو الشهري، فما بالك بالعائد السنوي .. إن البعض يشعر بالإحباط عندما يخرج في يوم معين من السوق بدون تحقيق ربح، لدرجة أنه قد يبيع بخسارة ليشتري ويبيع سهماً معيناً ويشعر أنه رابح هذا اليوم .. إن فلسفة تحقيق ربح يومي من الأسهم لتغطية النفقة الاستهلاكية اليومية للأسرة، إنما تعد فكراً غير مقبول في معظم الأسواق .. ولا تنسجم مع أي قواعد علمية أو عملية ترتبط بأسواق الأسهم، لأنها تسبب خللاً في عملية الاستثمار التي تقوم على معايير أخرى لا تنسجم مع معايير الربح اليومي .. إن ما نود قوله إنّ السوق بعد هيكله الجديد، يشهد الآن نوعاً من التركيز على المضاربة في الأسهم الاستثمارية الجيدة، خلافاً عن تركيزه في الماضي على المضاربة في أسهم الخشاش .. وهي مرحلة أفضل عن سابقتها .. بما يضع على هيئة السوق مسئولية تغيير بقية هذا القصور للوصول إلى مثالية الاستثمار في الأسهم الاستثمارية.

المسار الصاعد وانعقاد جمعية الإنماء

إنّ التاريخ المؤثر في المؤشر خلال مايو هو موعد انعقاد جمعية مصرف الإنماء التي ستحدد بشكل أو بآخر موعد إدراجه في السوق، وبالطبع قد تنهي دورة الصعود التي بدأت في الأساس بمحفز استباق هذا الإدراج .. وخاصة أن إدراجه سيخلق باباً جديداً لضخ السيولة موازياً لباب زين حالياً التي سحبت ما يعادل 23 مليار ريال من سيولة السوق، فما بالنا بمقدار السيولة التي يتوقع أن يسحبها مصرف الإنماء، إذا وصل لنفس سعر زين حاليا؟



* محلل اقتصادي Hassan14369@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد