Al Jazirah NewsPaper Saturday  03/05/2008 G Issue 13001
السبت 27 ربيع الثاني 1429   العدد  13001
الوحدة بين العاطفة والمصلحة

كثيرة هي طموحات العالم العربي، وعديدة هي آماله التي طوتها السنون ولم يتحقق منها شيء، عندما أجهضت مشاريعها لأسباب عدة يطول شرحها وتتشعب مدخلاتها وتفسيراتها, من هذه الطموحات التي يمكن القياس عليها لإطلاق النظرة إلى باقي مفاهيم الطموح والأمل قضية الوحدة العربية، التي تعددت أطروحاتها وتنظيراتها السياسية والحزبية، ولكن لا تزال على أرض الواقع مجرد عناوين هامشية في آخر صفحة الأحداث.

الوحدة العربية كفكرة سياسية تحمل مقومات النجاح والتطبيق من ناحية المتانة الأيديولوجية وتوفر مكونات القناعة السياسية والفكرية لدى جميع مكونات العالم العربي، بدءاً من أستاذ الجامعة الأكاديمي وانتهاء برجل الشارع البسيط، حتى أطفالنا الذين ساهمت قضية فلسطين وأنموذج محمد الدرة وغيره في تنشئتهم السياسية هم وحدويون بالفطرة، وغير ذلك الكثير من مقومات القناعة والالتزام الموجودة في العقل العربي والسياسي منه، بالذات، إذن ما هي مسببات فشل المشروع الوحدوي واضمحلاله حتى الآن؟

لا نجانب جادة الصواب إنْ قلنا إنَّ من أهم تلك الأسباب انعدام المصلحة المشتركة بين الوحدات العربية في مضامين المشروع الوحدوي، فجميع تجاربنا الوحدوية قامت فيما سبق على نسق وأطروحات عاطفية توارت فيها واختفت مفاهيم التقاسم المشترك في المصالح، سواء كانت اقتصادية أو أمنية أو استراتيجية أو حتى على المستوى الاجتماعي لتداخل الشعوب واندماجها, وهذا ما يتطلب القول إن أي مشروع وحدوي يحتاج إلى نوع من الروابط المصلحية التي تكون بمثابة صمام أمان أمام أي نزعة برغماتية أو مصلحية من أي جهة كانت في التكامل المرجو، أضف إلى ذلك أن التجارب السابقة مع أنها كانت تقوم على العاطفة الجياشة فإنها وجدت فيها مفاهيم ومعايير المصلحة التي لم تكن لتتعدى حدود مصالح النظام السياسي الذي اتخذ من قضية الوحدة شعاراً لتسويق زعامته وتمرير طموحات سيطرة مغلفة بقالب عاطفي أجاد الضحك على ذقون العامة وتوجيه الخطاب الجمعي لهم.

لم يعد أمام العرب ككيانات مبعثرة على خارطة الحدث الدولي تتناهشها أنياب التكتلات السياسية والاقتصادية الإقليمية الدولية، إلا السعي إلى أنموذج جديد من التكامل تكون المصلحة الاقتصادية دعامته الأولى، والتنسيق السياسي الحاضن واجهته الرئيسية، والتكافل الحمائي غطاءه المؤثر.. تكامل يجعل من الانضمام مصلحة عليا للدولة العربية، فتعرف ما يعود لها وما يترتب عليها من مثل ذلك الاندماج، بل ليكون اندماجاً يجب أن يكون اندماج تفكير ومصالح مشتركة ترضي القناعة وتحقق المصلحة.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244










 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد