Al Jazirah NewsPaper Wednesday  07/05/2008 G Issue 13005
الاربعاء 02 جمادى الأول 1429   العدد  13005

شاهد على تاريخ الملك فيصل
د. عبدالعزيز بن محمد الفيصل

 

تاريخ الملك فيصل مقروء ومشاهد للجيل الذي شهد فترة حكمه، فهم شهود على هذا التاريخ يروونه للجيل الذي لم يدركه، والملك فيصل من عظماء الرجال على المستوى العربي والمستوى العالمي، فهو ملك ومفكر وسياسي وصاحب رأي فلا يمكن أن أثبت شهادتي في جوانب هذه الشخصية المتعددة المواهب ولكنني سأذكر مواقف شهدتها، وكان لها صدى في نفسي: الأول عندما كان الملك فيصل نائباً للملك سعود ولم يتسلّم الحكم بعد، فقد دلف لصلاة الجمعة في مسجد ابن عدوان في شارع العصارات غربي الرياض وليس معه إلا سائقه فوجد الصف الأول قد امتلأ وكذلك الصف الثاني فلم يتقدّم للفجوات في الصفين وإنما أدى تحية المسجد في الصف الثالث، وكنت أؤدي السنة تحية المسجد في الصف الثالث فلما سلّمت فإذا بالملك فيصل بجانبي ليس معه حرس ولا (أخويا) فأكبرته وارتفع قدره لدي.

الثاني: عندما تسلّم المُلْك كنت من ضمن وفد عودة سدير فذهبنا لنبايع الملك ووصلنا إلى قصر المربع ودخلنا على الملك فصافحناه وبايعنا فأعجبنا بتواضعه.

الثالث: أعجبت باحترام الملك فيصل للعمل وبتقديره لصلة الرحم، فقد كان - رحمه الله - يشتغل في قصر المربع بعد صلاة العصر فإذا اقترب وقت المغرب اتجه إلى (ظهرة عرقة) فأدى فيها صلاة المغرب، وكنا نؤدي صلاة المغرب معه في هذا المكان، فهو لا يحتاط لنفسه ولا يأمر الحرس الملكي بالاحتياط، فهو قريب من الناس في كل موضع، وعندما يؤدي صلاة المغرب في هذا المكان يذهب لزيارة أخته العنود في شارع الخزان.

الرابع: شهدنا دعوة التضامن الإسلامي التي كان لها صدى في العالم الإسلامي وفي العالم بأسره، وكيف كان الملك فيصل يُقَدَّر ويبجل من أجل جمع شمل المسلمين في أرجاء المعمورة، ومن خلال إحساس الملك فيصل بالمسؤولية تجاه العرب والمسلمين فقد كان يصرف على العالم العربي والإسلامي أكثر مما يصرف على بلاده.

الخامس: كنت أصلح عجلة سيارتي في شارع العصارات، وكنت أنتظر فراغ الحضرمي من إصلاح العجلة فإذا بسيارات الحرس الملكي تمر مسرعة متجهة إلى مستشفى الشميسي فقال الحضرمي هذه سيارات الحرس الملكي متجهة بالعنود إلى المستشفى، وقد أصلح الحضرمي العجلة وغادرت مكانَهُ فعلمت بعد ذلك أن سيارات الحرس الملكي تحمل الملك الشهيد، وفي اليوم التالي صلينا على الملك فيصل في جامع الديرة ومشينا خلف السيارة التي تَحْمِلُهُ إلى مقبرة العود، وكان مشهداً مهيباً، رأيت فيه الأمير عبد الله الفيصل (يرحمه الله) واقفاً في مؤخرة السيارة حتى أنزل الجثمان من السيارة في مقبرة العود، فكان مشهد حزن وأسى وهلع.

من رثاء الأمير خالد الفيصل:

لاهِنْت يَا مِقْدَمْ جِمِيع الرَّجَاجِيلْ

وَلاَ هَانْ رَاسٍ في ثَرَى العَوْد مَدْفُون


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد