Al Jazirah NewsPaper Friday  09/05/2008 G Issue 13007
الجمعة 04 جمادى الأول 1429   العدد  13007
نقاط فوق الحروف
الحسبة والضغوط الجماهيرية
ماجد بن عبدالله الزعاقي

يلاحظ المراقب للمشهد الاحتسابي (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) تنوع المتغيرات والمحيط به وتسارعها، مما يسبب تباين في الحلول والرؤى المطروحة حول إستراتيجيات هذا العمل، وإن مما يشوش ذهن المهتم بهذه الوظيفة كثرة المطالبات والأطروحات المنادية بإحداث تحولات في آليات وممارسات الجهاز القائم به.

وكثيراً ما نسمع ونقرأ لمن يطالب بأن تنصرف أعمال رجال الحسبة عن القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل المعمول به شرعاً والمحدد نظاماً إلى الاكتفاء بنشر الثقافة الشرعية وتحبيب الناس إلى الخير بالبسمة والهدية وبدل المتابعة للمنكرات وأهلها - ولو كانوا من مروجي الخمور والعابثين بالأعراض - يكتفى بالنصح بحجة أن ممارسة ذلك نوع وصاية لا يتلاءم مع عصر الحوار والتعددية، وإن كان اللين والنصح هذا جزء من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو نافع مع كثير من الشرائح، إلا أن ذلك لا يعني ألا تتابع المنكرات ويعمل على إزالتها في بلد هبط الوحي فيه وارتضى حكامه ومحكوموه أن يتمتع بتطبيق أصلح نظام على وجه الأرض.

لن أتحدث عن وسام العز والشرف الذي تقلدته هذه الأمة بكونها خير أمة أخرجت للناس لأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، ولا عن توعد الله للناس على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم فيمن تساهل في هذه الشعيرة، ولا عن لعنة الله لأمم غابرة تركت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذه مسلمات قل أن يجهلها مسلم.. ما أردت الوقف عنده هو تأثير الضغوط الجماهيرية في المفاضلة بين البدائل والخيارات والتي غالباً ما تتماشى مع الهوى لا مع الهدى، إنك حين تقرأ كتاب الله تجد تحذير الحكيم الخبير من الاستجابة لرغبات الجمهور التي تكون في مقابل توجيهات الشرع تجدها واضحة وفاصلة في هذا الأمر بما يزيد المؤمن ثباتاً ويحدث عنده الرهبة من الانزلاق خلف الرغبات المصادمة للشرع، قال تعالى: {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} وقال تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}وقال تعالى {فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ} الآية.

إن كثيراً من هذه النداءات لا تظهر في الغالب بالمظهر المنابذ للشعائر الدينية وهي تنتقل بين عدد من الشعارات الخادعة كل ذلك ينبغي ألا يستخف به الذين لا يوقنون المشتغلين بأشرف الأعمال التي اختار الله أنبياءه لها.











zma_33@hotmail.com*

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد