Al Jazirah NewsPaper Friday  09/05/2008 G Issue 13007
الجمعة 04 جمادى الأول 1429   العدد  13007
وجهة نظر
(الرياضة الموؤودة)
ندى صالح *

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد، لقد جاء الإسلام ديناً شاملاً ومتوازناً، جاء ينظم شؤون الدنيا والآخرة، وليعتني بأمور الفرد والمجتمع ومن ضمن أمور الفرد اعتنى الإسلام بأمور جسده وعقله وروحه، فالإسلام يشجع على أن يكون المؤمن قوياً فهو خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وجاء في الحديث عن الرسول صلىالله عليه وسلم: إن لجسدك عليك حقا، ومن حقوق الجسد أن تقويه وأن تقيه من الأمراض وأن تعالجه.. ولأن الرياضة أحد الدعائم الرئيسية في تقوية الجسد لذلك شجع عليها الإسلام فكان لنا خير قدوة في رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم عندما كان يتسابق مع عائشة رضي الله عنها فتسبقه مرة ويسبقها أخرى، وعندما كانت الصحابيات في عهده يشاركن بالقتال في بعض الغزوات ولنا في ذلك خير مثال الصحابية أم عمارة نسيبة بنت كعب وأم سليم الرميصاء اللتان قاتلتا في غزوة أحد، ولا يخفى علينا أن الصحابيات وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن كن يركبن الخيل، كذلك شجع الصحابة على الرياضة، فقد دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لتعليمها: (علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل) وأولادكم تستخدم للأنثى والذكر على حد السواء.

من هنا أود أن أتحدث عن الرياضة للمرأة وكيفية استثمارها.

فبرأيي أن الرياضة للنساء في بلدنا (موؤودة) ولا نفهم لماذا؟؟ وما أقصده هنا التالي:

1- للرياضة أنواع وهي لا تقتصر على كرة قدم.. وهذا ما يعمل عليه الاتحاد السعودي للرياضة والشباب، فهناك اتحادات عدة تناسب المرأة مثل - اتحاد البلياردو والسنوكر - اتحاد الطاولة - اتحاد الطائرة - اتحاد البولينغ - اتحاد السكواتش - اتحاد الجولف - اتحاد الرياضة للجميع - اتحاد التربية البدنية - اتحاد الاحتياجات الخاصة - اتحاد الرماية - الاتحاد المنتظر اتحاد الإعلام الرياضي....، أليست هذه اتحادات مناسبة للمرأة للعمل بداخلها أو لممارستها.

ولقد ابتعدت في حديثي عن اتحاد كرة القدم وعن السباحة (بالرغم من شعبيتهما) وذلك ابتعاداً عن المعارضين الذين ما إن تذكر لهم اسم المرأة في الرياضة إلا ويتخيلونها تتصارع بلعبة كرة القدم أو بلباس فاضح!! ومن الطريف أن يكون هناك اتحاد اسمه (الرياضة للجميع) ونمنع المرأة من الرياضة إلا إذا كان مفهوم (الجميع) يساوي (الرجال) لدينا!! وهو مالا أعتقده في مجتمعنا العادل. ومن هذا المنطلق أوجه شكري للقيادات الرياضية وعلى رأسها سمو الأمير سلطان بن فهد عل الثقة الغالية في تفعيل دور المرأة في الاتحادات الرياضية عن طريق تعيين الأستاذة: أروى مطبقاني في اتحاد الفروسية، وأسأل الله أن يوفقها لخدمة الوطن ولتفعيل دور المرأة بشكل إيجابي.

2- إن الرياضة هي مفتاح الصحة الجيدة ونحن في مجتمع تكثر فيه أمراض السمنة والضغط والسكر والعظام.. إن الولايات المتحدة الأمريكية ترفع نسبة دعمها للرياضة حتى تقلل من الأمراض والضغط على القطاع الصحي.. عوضاً عن ذلك التأثير الكبير للرياضة علىالذهن وتنشيطه، وكما يقال: (العقل السليم في الجسم السليم).

3- الرياضة هي بوابة للجمال وكل الرجال يبحثون عن امرأة ممشوقة القوام مشدودة الجسد، فلماذا التناقض نطالب المرأة بشيء ولا ندعمها بأي شيء.

4- الرياضة من أفضل الأمور التي تشغل وقت الإنسان بفعالية ونحن ندس رؤوسنا من قضية انتشار المفاسد فنسبة عالية من فتياتنا لا تجدهن إلا على (الفيس بوك) و(البال توك) ويتنافسن من منهن تباع بقيمة أعلى ونجد نسبة أكبر مدمنة على الحفلات لعلها تجد في الرقص متنفس لها ونسبة أكبر وأكبر في أمور أدهى وأمر لا أعتقد أنها تخفى على أي عاقل مطلع.

5- الرياضة متنفس نفسي للإنسان فكثير من الضغوط النفسية والأمراض النفسية تساعد الرياضة في علاجها كاليوجا والسباحة والجري و و و.. ونحن في زمن تكثر فيه الضغوط.

6- بما أن الرياضة منجم للاستثمارات خصوصاً في زمن الخصخصة والاحتراف فلماذا لا نرفع من مستوى الاستثمار لدينا بوجود نوادٍ مخصصة ومهيأة للنساء (حسب ما يتوافق مع الشريعة).

7- مازلت أتساءل ما هي الأسباب الحقيقية خلف عدم تفعيل الرياضة البدنية في المدارس وإلى متى في مدارس البنات نمنع من الجري والقفز والتمارين السويدية..!!!

8- وأتساءل: ألم (تهدد) اللجنة الأولمبية الدولية بتجميد عضوية الاتحادات التي لم تنشأ أندية نسائية متخصصة قبل عام 2010 باعتبار أن شروط وضوابط وتشريعات اللجنة الأولمبية تسري على كل اتحادات العالم وليس على اتحاد بعينه، وهذا سيكلف الرياضة السعودية الكثير فغياب السعودية عن الألعاب الأولمبية سيعزلنا دولياً عن ساحة المنافسة العالمية،.. فأين خطوات إنشاء الأندية النسائية؟

9- لماذا نختبئ تحت مظلة الدين والعادات ورفضهم للرياضة النسائية.. لا يوجد دليل صريح في القرآن والسنة يمنع المرأة من تحريك جسدها وعقلها، وكما أسلفنا سابقاً في أمثلة الصحابيات.. أما إن كان على العادات فنحن من نصنعها ونجددها.. أم الأمر لمجرد قمع المرأة وتحجيمها في زمن لم تعد تقبل به المرأة إلا بمكانها المناسب. إن ما يتخوف منه المعارضون برأيي المتواضع أحد الأمور التالية مع العلم أن تخوفهم ليس بصحيح (برأيي):

* أن تخرج المرأة بلباس يخالف الشريعة ونرد على ذلك أنه بإمكان تخصيص زي محدد للرياضة يتوافق مع الشريعة وهذا أمر سهل تطبيقه.

* أن تشارك المرأة رياضياً في الظهور الإعلامي ونقول بالإمكان الحد من ذلك عوضاً عن أن المرأة متواجدة حالياً بالإعلام.

* أن تشارك المرأة رياضياً في المسابقات الدولية كالأولمبياد ونقول أن هناك ألعاباً لن تمنع المرأة من زيها الرسمي وحجابها مثل البلياردو والسنوكر.. البولينغ.. الرماية.. الطاولة.. الخ وبإمكان الاتحاد تحديد أنواع معينة للتأهيل للمشاركة الخارجية إن تطلب الأمر.

* أن تستقل المرأة برأيها وشخصيتها وهذا كلام لا يصدر إلا عن ضعاف الشخصية أوالديكتاتوريين (أتوقع أن غالبيتهم انقرضوا).

* فكرة أن الرياضة دعوة للاختلاط!! وأين يكون هناك اختلاط إذا خصصت للنساء ومن ترغب في المشاركة في المحافل الرياضية فئة قليلة ولا يؤخذ بذنبها بقية النساء (علماً أنني لا أعارض مشاركة المرأة بإطار شرعي).

* أن تنشغل المرأة بالرياضة عن منزلها وأسرتها وهنا يجب أن نقول:

- من ليس لديها تنظيم لوقتها لن تكون الرياضة هي المشغلة لها فنحن نرى النساء في الأسواق والمطاعم والزيارات الشخصية والمعارض وعلى الإنترنت وفي العمل أليس كل ما سبق يشغل المرأة مع الانتباه أن الكثير ليس ضرورة بل ترفيه (باستثناء العمل).

- لا يتوجب فتح نادٍ رياضي أن تكون المرأة لاعبة أو متسابقة فقط وجوده يفتح المجال للاشتراك به في الأوقات التي تتناسب مع كل امرأة على حده.. إذن نحن نتحدث عن نادٍ صحي رياضي ثقافي قبل كل شيء، ومن هنا أنا أقدم شكري الجزيل لسمو الأمير سلمان لتوفيره لنادٍ نسائي على مستوى عالٍ في مدينة الرياض وأتساءل لماذا لا يوجد مثل هذا النادي الثقافي الرياضي في جميع مناطقنا وبشكل احترافي؟

ما نناشده هنا أبسط مما نود الحصول عليه: فقط أن يخصص لنا أندية نسائية - أسوة بنادي الأمير سلمان - يستطيع نصف المجتمع أن يستفيد منها وهذا أضعف الإيمان. وللعلم لقد حان الوقت لإنشاء أندية رياضية للنساء حتى تستطيع المرأة أخذ حريتها الكاملة في ممارسة الأنشطة وفق (الضوابط الشرعية).

أعلم أنني أطلت عليكم إلا أنني صدقاً حاولت الإيجاز وقد تعذرونني إن قلت لكم هذا فيض من غيض وبداخلي يطول الحديث.

* الظهران



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد