Al Jazirah NewsPaper Saturday  10/05/2008 G Issue 13008
السبت 05 جمادى الأول 1429   العدد  13008
لبنان والبندقية للجميع

ما يحدث في بيروت هو كارثة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من سواد, فتيارات الولاء الخارجي تصر على المروق من بوتقة الدولة والتمرد على الشرعية, ساعية بذلك إلى تنفيذ أجندات التحالفات الإقليمية التي أضحت من أهم مهددات الاستقرار والعيش السلمي في البلاد, ولا يختلف اثنان أن هذه التيارات حتى وإن نجحت في انقلابها وابتلعت لبنان فإنها لن تستطيع اهتضامه واستيعابه في أحشائها الأيدويولوجية, وهذه هي طبيعة فسيفساء هذا الوطن الذي أما أن يكون وطناً للجميع يحتوي تحت عباءته جميع الطوائف والكتل السياسية عبر معايير ومفاهيم الشرعية الدستورية أو أن يتحول إلى مسخ سياسي تتناوشه القذائف ويحطم جماله واستقراره الرصاص.

وكما نقول إن لبنان للجميع وأنه وطن لا يمكن اختزاله بأشخاص أو أجندات معينة فإن لسان العقل يقول أيضاً: إن المقاومة الوطنية في لبنان هي إنجاز وحصاد جماعي لأبناء لبنان كافة ولا يمكن احتكارها على أحد أو إضفاء صفة الوصاية عليها من أجل استغلالها لمنافسة سلطة الدولة والحكومة ومزاحمتها المناكب في بسط النفوذ وتسيير البلاد, وتلك إحدى إشكاليات الواقع الحالي في لبنان فقد تحول المقاومة أو بالأصح جعلها البعض عامل ضغط جديد على الوطن من خلال الاحتكار والاستغلال المسيس وترسيخ قناعة (أنا المقاوم إذن أنا وحدي الموجود)، هذه القاعدة وغيرها من الإشكاليات التي حولت المقاومة الوطنية من عامل لَمٍّ للشمل وتوحيد للكلمة والقرار الوطني إلى عامل فرقة واحتكار وإقصاء هي التي أضحت تهدد لبنان خصوصاً بعدما دخل على خطها السمسار الإقليمي الذي يبحث عن مواطئ القدم في الأوطان الأخرى لأجل استغلالها كمناطق نفوذ حيوي يهرول إليها متى شاء في مناطحاته الدولية ويخرج منها متى شاء أيضاً ككروت محروقة.

وقد علمنتا تجارب التاريخ أن الأوطان أو مفاهيمها الوطنية كالمقاومة عندما تصبح حكراً على أحد أو منفذاً للتدخلات الخارجية فإن الكيانات تنزلق إلى أعتاب هاوية اللاعودة, وهذا ما يجب أن يعيه أنصار القلاقل والانفلات الذين بات يطيب لهم اللعب بالنار وكأنهم لا يعلمون أن نار الفتنة والانشقاق عندما تندلع فإنها لا تستثني في طريقها أحداً.






 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد