Al Jazirah NewsPaper Sunday  11/05/2008 G Issue 13009
الأحد 06 جمادى الأول 1429   العدد  13009
وداعاً يا من أحببناك
الشيهانه صالح العزاز

في القارة البعيدة كنت لنا أنت الأقرب، تسابقنا الوصل. لأنك ينبوع المحبة والعطاء. في لحظة الخوف واليأس أنت الطمأنينة بعد الله وأنت في الكرب فسحة الأمل. كم كنت عظيماً وجميلاً، بنبل أخلاقك وبمواقفك الأصيلة. لم يخطر في البال مرة أن لنا معك أياماً معدودة. عزيمة وحب للحياة ملأت قلبك، رغم قهر المرض والألم. كنت أسأل عنك وأنت على السرير الأبيض ممدداً وأقول لزوجتك الرائعة: لعل غداً يسمعني صوت عمي محمد. نبرات صوتها لم تطمئن لكن في القلب إيمان راسخ بأنك ستنفض عن جسدك الأسلاك الشائكة وتعود لنا بعافية. قدر الله حق. وبين عشية وضحاها غابت عنا شمسك. لم نعد نرى في العيون الحزينة إلا اللون الأسود... يلف هيوستن والرياض ونساء المدينة. ومن كل البلاد تأتينا رسائل الجوال مسرعة كالشهب، الرسالة الأولى من لجين بنت محمد البطحي: (شيهانة بابا مات). استغاثة كالسهم يخترق الفؤاد، وأنا في غربتي، صمت في القاعة من حولي يتفجر! تتكسر كلمات والأحرف ولم أعد أرى الأسطر المصفوفة في الكتاب كأنها شخوص فرقت من هول الفاجعة. أهرب من عيون الناس المستغربة، دموعي تتساقط أمامي، أراها ولكني لا أرى مني شيئاً وهل بقي مني شيئاً يمكن أن أراه؟ لجين... لن تبكيه لوحدك، لكن القول الحمد لله رب العالمين الذي أبقى فينا الإيمان. في ذهني أختي شهد أهرع إليها مسرعة عسى أن أصل إليها قبل أن يصل النبأ، لكنها الأقدار تسبقنا وتنتهي شهد بين أيدي الأطباء متعبة من هول الفاجعة. صغيرة أنت يا بنية على كل هذه المعاناة. أختي ما زال غصنها أخضر والقلب أخضر وعواصف الدهر لا ترحم الأخضر. رغم أن لنا معاً محطات قديمة وجراحاً لم تندمل. ولكم يا بنات الغالي في النفس منزلة كبيرة وأيام من عمرنا لا تنسى. أبي... سقط من مدارك نجم آخر وكأن ضلعاً منا قد خلع، سال الدم على الوشاح وانفرط القلب كالمسبحة... رحل محمد البطحي وترك لنا مرارة الفراق.

كنوز البحر أنتم أيها الأصدقاء. وأنت يا أيها الشهم لا تعوض (أترى حين أفقأ عينيك، ثم أثبت جوهرتين مكانهما، هل ترى؟ هي أشياء لا تشترى) رحمك الله يا أبا عبدالله وإنا لله وإنا إليه راجعون.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد