Al Jazirah NewsPaper Tuesday  13/05/2008 G Issue 13011
الثلاثاء 08 جمادى الأول 1429   العدد  13011
من دمر الدولة العراقية وكيف يمكن أن ننهض ثانية (2-3)
عبدالإله بن سعود السعدون

لا يختلف اثنان بأن جهل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بأبسط قواعد العلاقات الدولية ولعدم تقبله لأي استشارة أو نصح إقليمي وتماديه بالعناد لإرادة المجتمع الدولي أعطى كل المبررات بيد الولايات المتحدة لتهيئة حلفائها للمشاركة في غزو العراق في 20 مارس 2003 متذرعة بأهداف ظاهرها لتغطية عيون الرأي العام الدولي عن قرار الحرب المعلن ضد العراق معلنة رزمة أهداف منها محاربة الإرهاب الدولي وتدمير الأسلحة المدمرة الشاملة وإرساء الديمقراطية الغربية في الشرق الأوسط وتحرير العالم من النظم الديكتاتورية ورفع الظلم والتسلط والاستبداد عن الشعب العراقي ومساعدته في العيش بأمن وازدهار وحرية وأخرى حقيقية غير منظورة من هذا الغزو العسكري أهمها السيطرة على البترول العراقي وتثبيت قواعد عسكرية دائمة على الأرض العراقية ومصالح جيوسياسية خاصة بمشروع الشرق الأوسط الجديد الكبير.. وجاءت الأحداث الدامية والتخريب والدماء العراقية البريئة التي ملأت ساحات بغداد والنهب والسلب والتهجير والسجون والمعتقلات التي تعدت عدد المدارس والمستشفيات والفقر ونقص الخدمات العامة كل هذه المصائب والنكبات التي عاناها الشعب العراقي في تطبيق الديمقراطية المزعومة ومبادئ حقوق الإنسان ورياح الحرية التي بشر بها الغزاة لتعم العراق بأسره والتي تحولت لظلمة.

الدخان المتعالي من آثار القصف الجوي للمدن المأهولة بالسكان وساهمت أيضاً بعض دول الجوار في تدمير أسس الدولة العراقية منتقمة ومتعمدة كما يوضح ذلك في عرضنا التالي:

3- دول الجوار الإقليمي:

أسهمت بعض دول الجوار العراقية في خلط أوراقه السياسية بما يخدم مصالحها أولاً ويحقق الانتقام السياسي من رئيس سابق نفذوا إعدامه في يوم عيد الأضحى إمعاناً في عمق الانتقام والتشفي من عهده كاملاً ووضع الخطط السرية لتصفية حسابات قديمة بدأت مع الحرب العراقية الإيرانية وانتهت باجتياح دولة الكويت ويدرك أي محلل سياسي إقليمي ودولي مدى عمق التدخل الإيراني في الشأن العراقي حتى أن عملاءه وصنائعه بدأوا بالتراجع عن المد الإيراني وإعلان اتهامهم لاطلاعات في تسليح وتمويل ميليشيات جيش المهدي وبعض رجال إيران في الحكومة الحالية يحاولون تغطية هذا التدخل بإطلاق تصريحات غير مسؤولة عن كشف تدخل سعودي لمجموعات شيعية وسنية كما جاء بادعاءات النائب الطائفي سامي العسكري مؤخراً وهي كاذبة تماماً وهو الشيء المضحك المبكي ادعادئهم بخوف دول الجوار العربي من تجربة الديمقراطية التي يحترقون بنارها، وأعرض في تحليلي هذا عن نوع في يد وغريب في التناغم الإيراني الأمريكي فحين زيارة الرئيس الإيراني نجاد الأخيرة لبغداد لتسلط المصباح الكاشف على سياسة تشابك المصالح بين أمريكا وإيران وقد خصصت القوات الأمريكية وقوات حكومة المالكي قوات خاصة لحفظ أمن الرئيس الإيراني وتكريمه بما يليق بالرؤساء الأصدقاء في حله وترحاله والخطير من هذا التشابك المصلحي أن يتصدى سواحل الخليج العربي ويكتمل رسم الهلال المنتظر والذي يشمل خطاً بدايته مضيق هرمز ونهايته في جنوب لبنان مروراً بالعراق وسوريا والذي نخشاه أكثر أن يكتمل هذا البدر قمراً!

والمرحلة القادمة والقريبة جداً ستشهد أزمات حادة بين إيران والمجموعات الحزبية المذهبية في العراق وهي من صنعها وتوجيهها ولكن السياسة لا ترحم وليس لها صديق دائم! وهو الشيء المضحك المبكي ادعائهم بخوف دول الجوار العربي من تجربة الديمقراطية التي يحترقون بنارها.

ودخلت إيران الرسمية بغداد كمحتلة دون حرب وبكل الصفات الغريبة للانتقام السياسي والمستغرب الموقف الأنكلو- أمريكي غير المكترث لهذا التدخل الإيراني السافر في الشأن العراقي ويدعو هذا الموقف الغريب ارتفاع نسبة الشك بأن هناك مشروع مشترك ينفذ تحت الطاولة بين إيران وأمريكا فالأسلحة المكدسة في مخازن الميلشيات المذهبية والأموال السياسية الموزعة عليهم لا يقابلها إلا بيانات صحفية من الناطق الصحفي للقوات المتحالفة وإشارة خفية للتدخل الإيراني... ورفع برقع الحياء عن وجه المسؤولين العراقيين وهم يقومون بوظيفة منظمي حفلات دولية وكأنها لم تبلغ سن الرشد حتى تترك المسؤولية لإيران وأمريكا ليقرروا مصيرهم السياسي!

ومن دول الجوار المهمة في الشأن العراقي (تركيا) والتي تربطها بدولة العراق ومنذ تأسيسها علاقات صداقة عالية المستوى واشتدت في متانتها حين قيام حلف بغداد وتكوينه قوة إقليمية كبرى آنذاك لمعادلة التيار القومي المتدفق من محور القاهرة و دمشق وانتهى التأثير السياسي لهذا الحلف بقيام انقلاب الرابع عشر من تموز في بغداد والقضية الأهم لتركيا في علاقاتها بالعراق حالياً المشكلة الكردية وبعد قيام إقليم كردستان والتي تزعزع أمن المنطقة الجنوبية الشرقية من تركيا والتي يقطنها أكثر من عشرين مليون كردي في ولايات تركية سبع يفصلها خط وهمي من حدود تركيا ويدرك الساسة الأتراك بأن قيام هذا الإقليم شبه المستقل لأكراد العراق يهدد وحده التراب التركي ويشكل أيضاً خطاً أحمر في الأمن القومي للدولة التركية ومطالبة الأحزاب الكردية في العراق لتطبيق المادة 140 من الدستور والتي تهدف لضم محافظة كركوك الغنية بترولياً للإقليم والذي يرفع شعار تكون كردستان الكبرى في ديار بكر في تركيا حتى شمال بغداد وتضم كافة أكراد المنطقة الواقعة في تركيا في وإيران والعراق وسوريا ويبلغ تعدادهم أكثر من أربعين مليون كردي وهذا الأمل الكردي يقابله معارضة شديدة من دول الجوار العراقي لإقليم كردستان وكان للحملة العسكرية التركية أهدافاً سرية ومعلنة من أجل سحق أعوان حزب العمال الكردي الإرهابي الماركسي ولها أيضاً هدف سري كرسالة جدية لحكام كردستان بعدم التفكير في التدخل بالشأن الداخلي التركي وعدم التأثير السياسي على الموقف العراقي الضعيف بتمرير ضم محافظة كركوك لإقليم كردستان والتي يعيش فيها أكثر من مليون تركماني من ذوي الجذور الطورانية التركية.

وتتهم دول الجوار العربي من الكويت حتى سوريا بتصدير الإرهاب للعراق والحقيقة أن في هذا الادعاء تجنٍ على الحقيقة أولاً وعلى أشقائهم العرب ثانية والتي تكتوي بنار الإرهاب الدولي، وفتح الحدود العراقية دون رقابة عسكرية وأمنية شجع الإرهاب للتسلل من الحدود الغربية والشرقية المحاذية لإيران لتتغلغل للجوف العراقي وفرز جرائم بشعة لا إنسانية نفذها مجانين القاعدة الإرهابية وشجعت حالة التسيب الرقابي على الحدود العراقية من تهريب الأسلحة الإيرانية وتقديمها للميلشيات المذهبية والتي دمرت روح الإنسان العراقي والذي هاجر عن وطنه خشية البطش الإجرامي لهذه الميلشيات التي شاركت في تدهور الوضع الأمني داخل المدن العراقية. وقد اتبعت المملكة العربية السعودية سياستها الخارجية الواضحة المعالم في عدم رغبتها في التدخل بالشأن العراقي وتقف من العلاقة الطيبة مع كافة الفصائل السياسية العراقية على مسافة واحدة وتسعى دوماً من أجل خدمة الشعب العربي العراقي ومن أجل ضمان وحدته الوطنية ووجهه العربي وازدهار ونمو اقتصاده الوطني واستقلاله وحرية شعبه

4- قرصنة المخابرات الإقليمية والدولية

تحرك عملاء السي أي أيه قبل الغزو الأنكلو - أمريكي على العراق بأشهر لإثارة الإشاعات وتقديم حيثيات المواقع العسكرية والرسمية المهمة لضربها حين بدء الحرب وقد ألقت قوات الأمن على عدد كبير من هؤلاء العملاء ومعهم أجهزة حديثة تستخدم في تسهيلات لوجستية للقوات العسكرية كما كانوا حلقة الوصل مع الأحزاب المذهبية المؤيدة للغزو داخل العراق وبرز دورهم أثناء احتلال بغداد من القيام بعمليات تخريبية عديدة ونهب الوزارات والبنوك وتركت عملاء الموساد الذين دخلوا مع الجيش الأمريكي كمترجمين في جمع معلومات عن المؤسسات العسكرية ومصانع التسليح العسكري ودمروها دون استثناء ونهبوا المتاحف العراقية وهربوا مسلة السبي البابلي لنبوخذ نص والخاصة عن حملته لتأديب اليهود في التاريخ البابلي وكذلك نسخة التوراة الأصلية ورأس عشتار الذهبي وغيرها لتستقر في المتاحف الإسرائيلية وأسسوا مركزا للموساد في عمارة خالية خلف فندق فلسطين المطل على ساحة الفردوس في بغداد واشترى عملائها أراضي ومساكن كثيرة في مدينة الكفل القريبة من مدينة الحلة في وسط العراق حيث كانت من المواقع اليهودية في العراق القديم. أما وكالة الاستخبارات الإيرانية اطلاعات فقد حركت الخلايا النائمة وعملت على تأسيس مواقعها الجديدة مستغلة بعض المنظمات المذهبية (صنع إيران) مثل منظمة شهداء الأئمة ومنظمة الزهراء وحزب الله وغيرها لتكون الغطاء لأعمالها الإجرامية وقد سهلت عبور فيلق بدر إلى البصرة وتكوين أجهزة الأمن والمخابرات من بين أعضاء الفيلق العسكري الذي تدرب وتم تسليمه داخل إيران وبرئاسة عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي الموالي لطهران ورجلها الأول في العراق! وقامت هذه العصابات المخابراتية بتدمير البنية التحتية في معظم مدن العراق.

وتخصصت الشركات الأمنية الأمريكية مثل (بلاك ووتر) بعمليات الاغتيالات ووضع المتفجرات داخل بغداد.

5- الإرهاب:

استدرجت عصابة القاعدة الإجرامية إلى أرض الوافدين عن طريق فتح الحدود الشرقية والغربية لتسهيل دخولها والتمركز على الأرض العراقية وقد جندت إيران أفواجا من عملاء القاعدة بزعامة الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي والتقوا مع كثير من المتسللين الإرهابيين الغرب عن طريق حدود الشقيقة سوريا وفي الفترة الأولى للاحتلال (2003 حتى 2005) انخدع أهالي المنطقة الغربية من عرب العراق بشعارات هذه الفئة الضالة ومرتكزها في الجهاد لإخراج المحتلين من أرض العراق وتطبيق الشريعة الإسلامية فسهلت حركتهم لإيوائهم في هذه المناطق العربية في الأنبار وبعد فترة وجيزة من ممارسات هذه العصابات الإرهابية في القتل والذبح بالسيف على شاشات التلفزيون دون رحمة أو عدالة ودعوا بالإكراه السكان العراقيين لمبايعتهم بالولاء لما يسمى (بالجمهورية الإسلامية) بزعامة الزرقاوي وتنبهت العشائر العربية في هذه المناطق للمخاطر الإجرامية التي تمارسها هذه الأفواج الإرهابية المختفية فيما بينهم وينتقمون من كل معارض لأعمالهم الإجرامية مما حدا بهذه العشائر للم صفوفهم وتشكيل مجاميع مسلمة لممارسة الإرهاب القاعدي وطردهم من المنطقة الغربية من العراق ونجحت صحوة الأنبار المسلحة بتخليص المواطنين العراقيين من تسلط وإرهاب منتسبي القاعدة وطردهم من محافظة الأنباء وكرهم الأول وتركز الإرهاب حاليا في منطقة الموصل ويكون الله في عون أهلها المسالمون فقد وقعوا بين فكي الكماشة ففي شرقها يتمركز منسوبو البشمركة الأكراد ومعهم قوات الاحتلال الأمريكي وفي غربها يتغلغل الإرهاب القاعدي من صفوفهم وستكون مذبحة حين بدء المعارك بينهم.

وندعوا الله سبحانه أن يجنب أبناء الشهداء شرور المتفجرات وقصف الطائرات وغدر الإرهابيين.

يتبع في العدد القادم

عضو هيئة الصحافيين السعوديين
محلل إعلامي - كفاءة الدكتوراه في العلاقات الدولية - جامعة أنقرة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد