Al Jazirah NewsPaper Tuesday  13/05/2008 G Issue 13011
الثلاثاء 08 جمادى الأول 1429   العدد  13011
الجيش اللبناني وحياد العاقلين

عوّدتنا تجارب التاريخ، أنّ الدول عندما تُصاب بداء الاقتتال والفرقة الداخلية فيما بين أبنائها، تتسارع الجهود العقلانية إلى الحفاظ على مجموعة من المفاهيم والمعايير، التي إنْ حيدت وأُخرجت من صراع الأزمة، كان لذلك أثر إيجابي في تنفيس ذات الأزمة وتفكيك تعقيداتها .. ومع تسارع الأحداث الدراماتيكية على أرض الواقع في لبنان، وظهور وجه الحدث الميداني بثلاثية: مسلحو المعارضة وأتباع الموالاة والجيش النظامي اللبناني الذي عهدت له قضايا الاختلاف بين الفريقين، ولما بذله هذا الجيش في الأيام الماضية من فضِّ الاشتباكات بين الطرفين، ولعبه دوراً إيجابياً بين الخصمين، وعمله الدؤوب على إعادة الحياة إلى اللبنانيين, وأيضاً لما وضع على كاهله من التزامات ومسئوليات، سواء في قضية الشبكة اللاسلكية لحزب الله أو مسئول المطار شقير .. كلُّ هذه القضايا تجعلنا نطالب الأشقاء في لبنان بالحرص على حيادية المؤسسة العسكرية اللبنانية، وإبعادها عن مزايدات التحالفات الطائفية والمذهبية التي تعصف بالبلاد، والتي يجب أن يحافظ على الجيش من تطاير شررها كمؤسسة مستقلة تعمل مع الجميع على الأسس الشرعية والدستورية، ولا يلوث التزامها الوطني انتماءات الشخصنة أو الولاء الطائفي, فالصورة الجميلة لجيش لبنان الآن، وهو يقف على الحياد ويسارع العقلاء إلى رمي كرات الاختلاف في مرماه ووضعها في عهدته، قد تنقلب إلى صورة بشعة ومدمّرة إذا ما غازلت الطائفية أفراده، الذين هم بلا شك جزءٌ من نسيج المجتمع اللبناني المعقّد بطوائفه واثنياته وتياراته المختلفة, وهذا ما نخشى أن تكون الأيام القادمة حبلى به, فالمتآمرون على لبنان لن يدعوا مجالاً للفرقة إلاّ وتضرب على أرضه خيولهم من أجل تحقيق مصالحهم، من خلال ضرب الاستقرار في لبنان، وخلق واقع داخلي جديد يرتبط بسياسيات إقليمية معينة، لها أهدافها على المستوى الدولي والسياسية العالمية.

حديثنا هذا عن حيادية ومهنية جيش لبنان، يجعلنا نقول إننا نصبو ونأمل إلى ما هو أكبر وأجمل من ذلك، بأن تصبح المؤسسة العسكرية اللبنانية هي الحامي الوحيد للبلاد، وأن لا يعلو سلاح فوق سلاحها وأن تنصهر جميع بنادق الفرقاء في لبنان في بوتقتها، وأن يسلم سلاح المقاومة إلى الجيش، بعد أن أدّت المقاومة دورها، حتى يتحوّل سلاح المقاومة من سلاح ميليشياوي فئوي، إلى سلاح نظامي وطني أصيل، تكون خيارات الإجماع الوطني نهجه، والمؤسسات الدستورية والسياسية نبراس أعماله وتحركاته العسكرية، عندها نستطيع أن نقول إنّ لبنان بدأ يتعافى من علّته، وابتعدت عنه أشباح الاحتكار والارتهان.








 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد