Al Jazirah NewsPaper Tuesday  13/05/2008 G Issue 13011
الثلاثاء 08 جمادى الأول 1429   العدد  13011
استراتيجية لبناء المستشفيات الجامعية التعليمية
د. منصور بن ناصر الجديد

يرتكز دور المستشفيات الجامعية على النواحي التعليمية والتدريبية والعلاجية ويخدم طلبة الجامعات للكليات الصحية، إضافة لدورها في خدمة المجتمع وتأمين العناية الطبية للبيئة المحيطة بها. والمستشفى التعليمي يمثل وحدة متكاملة يحتوي على الخدمات الأساسية والثانوية، بالإضافة إلى جانب التخصصات الطبية الدقيقة والأقسام التخصصية والتشخيصية والعلاجية المتميزة، كما يضم المستشفى مراكز أقسام التميز في كثير من التخصصات ويلعب دورا كبيرا في مجال الأبحاث كلها ضمن منظومة الخدمات الصحية التعليمية لتوفير الخدمات اللازمة والمساندة.

وتدعم الدولة العديد من المشاريع الحكومية التنموية، منها المستشفيات الجامعية التعليمية، حيث تمت الموافقة على عشرة مستشفيات أو أكثر بطلب من الجامعات متمثلة بوزارة التعليم العالي واعتماد 400 سرير لكل جامعة من قبل وزارة المالية. وإذا افترضنا أن تكلفة السرير بين المليون والمليون والنصف ريال أي أن أقل تكلفة لبناء وتجهيز المستشفى الواحد حوالي 400 مليون ريال سعودي بإجمالي تكلفة 4 مليارات لبناء 10 مستشفيات، كما يحتاج المستشفى تكاليف بناء البنية التحتية والمرافق المحيطة لتشغيلها إضافة إلى تكلفة التصميم.

إن تصميم وتنفيذ المستشفيات يعتبر من المنشآت المهمة والحيوية والصعبة نظراً لترابط عناصرها ببعض وتحتاج إلى الكثير من المعلومات والخبرات المعمارية والهندسية والطبية خاصة فيما يخص التجهيزات والمعدات الطبية، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن بين 15% إلى 45% من التكلفة سيكون من نصيب التأثيث والأجهزة والمعدات الطبية، وتتغير التكلفة بناء على أسعار العملة للأجهزة الطبية والتأثيث، وتعتبر التخصصات المعمارية والهندسية المتعلقة في تصميم المستشفيات مهمة في هذه المرحلة، الأمر الذي يلزم الاستعانة والتعاون مع المكاتب الاستشارية الهندسية الإقليمية أو العالمية لتقديم خبراتهم أثناء إعداد التصاميم ومراجعة المخططات والمواصفات المعمارية والهندسية لوضع المتطلبات والأخذ في الاعتبار الجودة العالية في اختيار مواد البناء واقتراح البدائل اللازمة للأجهزة والمعدات الطبية المراد استخدامها والتأكد من نوعية الضمانات وصيانة الأجهزة والمعدات الطبية التي يمكن أن يؤمنها المورد ومعرفة طريقة الربط الكهربائي أو الميكانيكي في المستقبل عند تشغيلها.

أما بالنسبة إلى الخدمات المميزة التي يفضل توفرها في المستشفى استخدام التقنيات الحديثة من الأجهزة الطبية والوسائل التعليمية والمعلوماتية والالكتروميكانيكية (الكهربائية والميكانيكية)، وإلى نوعية وحجم وعدد المصاعد للمرضى والزوار والخدمات. وتوفير أنظمة تحكم ومراقبة للمباني Building Management System لمراقبة أداء جميع عناصر المستشفى والمرافق المحيطة، واختيار أجود وأفضل مواد البناء في الأماكن كثيرة الاستخدام على سبيل المثال لا الحصر الأبواب والمصاعد. والحرص على إيجاد بعض المرافق المهمة مثل مهبط للطائرات العمودية للإخلاء الطبي بالقرب من المستشفى أو على سطح المستشفى مزود بغرفة مراقبة وتحكم ومصعد خاص لنقل المرضى، كما أن توفير المسارات المتحركة في الاتجاه الأفقي والعمودي مهم لنقل المستلزمات الطبية والأطعمة، إضافة إلى إيجاد شبكة أنبوب هواء لنقل الأدوية والدم والمستندات، وتخصيص مركز للدفاع المدني قرب المستشفى وعدد مناسب لمواقف السيارات للأطباء والعاملين في المستشفى والزوار، مع تأمين مركز لحفظ الوثائق مستقل عن المستشفى في حالة حدوث حريق - لا سمح الله، وتوفير العدد الكافي من صالات المحاضرات الصغيرة والكبيرة وتزويدها بالتقنية الحديثة من شبكات اللاسلكي وغرفة لوسائل الإعلام للنقل المباشر، كما يراعى عند تصميم غرف الإشاعة الكبيرة أن تكون بالقرب من الجدران الخارجية لإمكانية تحريك الجدران أو فكها عند الحاجة لإدخال الأجهزة أو صيانتها.

كما أن مستندات طرح المشروع يمكن توحيدها مع إمكانية تجزئتها إلى أربعة عناصر كما يلي:

- الهيكل الإنشائي والواجهات

- التأثيث والوسائل التعليمية والمعلوماتية

- الأجهزة والمعدات الطبية

- الالكتروميكانيكية (الكهربائية والميكانيكية)

هذه المستتشفيات المزمع إنشاؤها - إن شاء الله - تحتاج إلى وضع استراتيجية قريبة المدى لبنائها ومتوسطة لتشغيلها وطويلة المدى لصيانتها، ومما لا شك أن هذه المشاريع أخذت البعد التنموي بعين الاعتبار حيث إن الدولة هي الوحيدة التي تستطيع تمويل عملية البناء والتشغيل والصيانة، مع الحرص على تدريب الكوادر الوطنية ضمن خطة الابتعاث لإدارتها، والبحث عن سائل وقنوات استثمارية بديلة لتشغيلها وصيانتها في المستقبل.

أن بناء المستشفيات الجامعية التعليمية بمثابة الانطلاق إلى الفضاء الرحب لتحقيق الهدف المنشود لتوفير أفضل الخدمات الصحية وتهيئة الظروف المناسبة للتعليم والتدريب الطبي والفني، على أن يعاد النظر في الأسلوب المتبع في ترسية المشروع على اقل العطاءات عن طريق تأهيل المقاولين المميزين قبل طرح المشروع واختيار المواصفات من الجودة العالية والحرص على استخدام التقنيات الحديثة، والتأكد أن تتم عملية التنفيذ والإشراف على هذه المستشفيات تحت نخبة من المهندسين والبعد عن القرارات العشوائية والارتجالية من قبل غير المتخصصين حتى لا نترك عبئا على الأجيال القادمة.

* المشرف العام على إدارة المدينة الجامعية بالدمام - جامعة الملك فيصل


mnjadid@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد