Al Jazirah NewsPaper Wednesday  21/05/2008 G Issue 13019
الاربعاء 16 جمادى الأول 1429   العدد  13019
يارا
عبد الله بن بخيت

قد لا يرى بعض الإخوة أي سلبية في ربط الحرية بالمسؤولية. كما في قولنا (الحرية المسؤولة) فحسب وجهة نظر هؤلاء بهذا الربط نحد من الانفلات والتهور الذي أصاب كثيراً من الأمم التي تمتعت بحرية مفتوحة، (طبعاً المقصود المجتمعات الغربية). فما نراه في الغرب يفترض حسب وجهة نظر هؤلاء أن يكون درساً نتعلم منه. تحرر المرأة وضعف سلطة الأب وحقوق الشاذين الخ فصول هامة في ذلك الدرس. هذا الكلام في شكله العام أصبح من الأمور البديهية إلى درجة أن بلغت شدة ترديده أن أصبح ضمن ثقافة العوام قبل المتعلمين وأصحاب الرأي. مضاف إلى هذا مازال بعضنا يتذكر أن كلمة تحرر ارتبطت سياسيا بالانقلابات العسكرية في الستينات.

من جهة أخرى فكلمة حرية (إذا حررناها من هذه الحمولات) سنقر أنها من أعظم المبادئ وأجلها. فهي في مصاف التطلعات الإنسانية العظمى كالعدالة والحق والسعادة الخ, وأي إضافة تفسرها أو تقيدها هو اعتداء على القيمة الإنسانية التي تنطوي عليها. أما النظرة إلى ما حدث في الغرب فهي نظرة لا تمتحن الحرية وإنما هي نظرة سياسية لا تحترم فرق المعايير والقيم بل إنها أيضاً تحاول مصادرة القيم الإنسانية المجمع عليها لتبرير معركة يريد المتطرفون على الجانين اندلاعها وفي نفس الوقت تبرر سياسة القمع المتوالية في كثير من الحواضر الإسلامية على مر التاريخ. انتزاع مفهوم الحرية من سياقه الشمولي وتجزئته وتسقط ممارسته والتركيز على ما يتعارض مع القيم الإسلامية سهلت الخلط المتعمد بين المعايير والممارسات. عندما نتحدث عن الغرب نتحدث عن الممارسات اليومية وعندما نتحدث عن العالم الإسلامي نتحدث عن المعايير والقيم ونتجاهل ما يحدث على الأرض.

عندما ننظر إلى كلمة المسؤولية نجد أنها هي أيضاً تشوهت بفعل الاستخدام الجائر لها من قبل الإعلاميين. فبدلاً من أن تكون قيمة إنسانية عظيمة تحولت إلى قيد على الحرية. المسؤولية قيمة أخلاقية عظيمة وليست مجرد معيار أو قانون إداري. ليست المسؤولية هي تلك القوانين والأنظمة التي تحدد الواجب والمطلوب منك عمله. إنما هي قيمة مرتبطة بالوعي. مسؤوليتك منذ أن تأتي إلى هذه الدنيا هي أن تكون من حماة العدالة والخير والقيم النبيلة التي تحمي الحياة على هذه الأرض لأنك جئت إلى هذه الدنيا من حياة أخرى (أمك وأبيك) ومن واجبك إذاً حماية الحياة لكي تستمر بعدك. تتسع مسؤوليتك هذه باتساع معرفتك بالتاريخ والاحتياجات الإنسانية. مسؤوليتك أن تكون دائماً وبلا تحفظ ضد الظلم وضد الجوع وضد العبودية الخ. حجم المسؤولية يقرره دائماً حجم وعيك واتساع رؤاك. أنت إذاً مسؤول عما يجري من ظلم في فلسطين وأنت مسؤول عمّا يجري من مجاعة في إفريقيا وأنت مسؤول عما يجري للأطفال في الهند. ليس بالضرورة أن تأخذ سلاحك وتهب للحرب ولكن عليك أن تعمل باستمرار على صيانة موقفك الأخلاقي مما يجري في هذا العالم. إذا الحرية والمسؤولية قيمتان إنسانيتان لا تحتاج الواحدة الأخرى لتتعكز عليها.

فاكس 4702164


Yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد