Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/05/2008 G Issue 13020
الخميس 17 جمادى الأول 1429   العدد  13020
أضواء
اتفاق لبنان جيد.. ولكن!!
جاسر عبدالعزيز الجاسر

تصاعد الدخان الأبيض في الدوحة بعد اتفاق الفرقاء السياسيين اللبنانيين وبعد تفكيك المعتصمين في وسط بيروت خيامهم وعاد الزعماء من قطر إلى بيروت استعداداً للاشتراك في حفل انتخاب رئيس الجمهورية يوم الأحد القادم بعد اتفاقهم على ميشيل سليمان كرئيس توافقي، الذي سيكلف رئيساً للحكومة الوطنية بعد المشاورات الدستورية والتي ستتكون من 30 وزيراً 16 للأغلبية النيابية و11 للمعارضة و3 يختارهم رئيس الجمهورية.

هذا الاتفاق التاريخي لا يعني أن لبنان قد خرج من أسوار الطائفية وسجون المذهبية التي جسدها انقلاب حزب الله الذي استباح مقاتلوه مدينة بيروت وأخضعوا أهلها لإرادتهم.

والاتفاق الذي عقد في الدوحة لا يعد في حساب الربح والخسارة أن فريقاً لبنانياً ما فرض إرادته على الفريق الآخر، فالاتفاق تم وفق المعادلة اللبنانية المعتادة (لا غالب ولا مغلوب) إذ إن كل بنود الاتفاق كانت مطروحة ومتداولة وقد تضمنتها المبادرة العربية التي حملها عمرو موسى أكثر من مرة إلى بيروت، إلا أن الإرادة السياسية اللبنانية نتيجة التدخل الإقليمي كانت مرتهنة للخارج، وفي قطر استطاع أمير قطر ورئيس وزرائها وأعضاء اللجنة الوزارية العربية أن يقحموا خطر تفتيت لبنان بتذكير المتحاورين بما حصل في بيروت والجبل وطرابلس، وكان أمير قطر واضحاً وحازماً في نفس الوقت بعرض الموقف العربي بشفافية وصدق، وهو (إما أن تتفقوا وتقبلوا هذا الاتفاق المتوازن أو تتحملوا مسؤولية ضياع الوطن).

النتيجة كانت واضحة لا تحتاج إلى اجتهاد خصوصاً بعد أن تم عزل التأثير الخارجي فجاء الاتفاق الذي يسجل نجاحه للعرب جميعاً ولقطر والوزراء الذين شاركوا الشيخ حمد بن جاسم وعمرو موسى جهد العمل والإقناع وللسياسيين اللبنانيين الذين استمعوا جيداً للرسائل الشعبية التي كانت واضحة ومباشرة (لا ترجعوا إن لم تتفقوا).

فالشعب اللبناني بكل طوائفه سئم تناحر الطائفيين والسياسيين والذي وصل إلى حد الاحتكام إلى السلاح.. وتحويل سلاح المقاومة الذي كدس وجلب لمواجهة العدوان الإسرائيلي.. إلى قتل أبناء الوطن الواحد، وكل ذلك بسبب الاحتقان الطائفي الذي أدخل إلى لبنان مع بداية الثورة الإيرانية، حيث تعرضت الطائفة الشيعية في لبنان إلى استهداف مدروس، حيث جرى التركيز على استثمار نجاح الشيخ موسى الصدر وبدأ موفدي الخميني ورسل طهران بالتدفق إلى الجنوب، حيث تمكنوا من تحقيق أول انشقاق في حركة أمل من خلال إنشائهم حركة (المقاومة المؤمنة) والتي أعلنت بعد أشهر من ثورة الخميني في إيران عام 79 وفي 82 حصل الانشقاق الأكبر بإعلان حزب الله بقيادة صبحي الطفيلي الذي أعلن مشروعه بكل صراحة إقامة دولة إسلامية في لبنان على النهج الخميني.

ومن يومها أصبح النفوذ الإيراني حاضراً في لبنان، وإن غض النظر القادة العرب والسياسيون اللبنانيون عن تنامي حزب الله وخصوصاً قوته العسكرية للتصدي للعدو الإسرائيلي، إلا أن الحزب وكما وضح في الأشهر الأخيرة يخدم أيدلوجية واستراتيجية مرتبطة بالخط الخميني الحاكم في إيران وهو ما يعني التعارض في قضايا عديدة مع السيادة الوطنية اللبنانية.

هذا التوجه وهذه الأيدلوجية هي التي تجعل أي اتفاق لبناني معرضاً للخطر خصوصاً عندما تتعارض المصلحة الوطنية اللبنانية والسياسية الإيرانية إقليمياً ودولياً.. وهذا ما سوف نعود إليه في حلقات قادمة.



jaser@al-jazirah.com.sa
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 11 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد