Al Jazirah NewsPaper Thursday  22/05/2008 G Issue 13020
الخميس 17 جمادى الأول 1429   العدد  13020
إدارة المدن وتحدِّي العبث..!!
المهندس عبدالعزيز بن محمد السحيباني

تعتبر إدارة المدن من أكبر التحديات التي تواجه الأمانات والبلديات. (وإدارة المدن) تكون بشكل يومي، أي إدارة خدمات المدينة المختلفة. وهذه الخدمات تشمل معظم الخدمات المقدمة للمواطن بداية ب(إدارة العمران)، وذلك من خلال المتابعة والمراقبة الدائمة للحركة العمرانية في المدينة، كذلك إدارة النظافة في المدينة التي يجب أن تكون بشكل يومي، وأن تتم المحافظة على المدينة نظيفة وذات بيئة صحية سليمة، والمحافظة على الطعام اليومي المقدم في مطاعم المدينة والرقابة الدقيقة عليه، وإدارة خدمات الإضاءة اليومية كي لا تصبح المدينة ظلاماً دامساً، والمحافظة على الطرق المسفلتة والمرصوفة في المدينة ضد عبث العابثين واستغلال المستغلين..

إنّ أكبر تحدٍّ تواجهه (إدارة خدمات المدن) هذا العبث الذي يتم مخترقاً جميع الضوابط مثل عبث شركات تمديدات المرافق العامة باستثمارات الطرق والشوارع التي أنفقت عليها الأمانة ملايين الريالات. وقد أثبتت الدراسات أن أكثر عيوب الطرق انتشاراً هي بسبب حفريات الخدمات ومحاولة تمديدها بأقل تكلفة مهما كانت سيئة، والعبث بالأرصفة كذلك. كما أن من هذا العبث اليومي الذي يواجه (إدارات المدن) البناء بشكل مشوه ومقزز وإلقاء مخلفات البناء من قِبل مقاولي البناء للمجمعات والمنازل بأي منطقة مفتوحة، مُشَكِّلَةً تلالاً من المخلفات التي تخصص لها الأمانات مشاريع وتنفق ملايين الريالات سنوياً لتنظيفها وإزالتها. ومن ذلك أيضا هذه الورش والمطاعم الرديئة التي تنمّ عن مدينة متخلفة، والتي يقوم بفتحها عمالة أجانب على أقل مستويات الرداءة.

إنَّ مثل هذا التحدِّي الذي يواجه المدن لا بد من إيجاد حل حاسم له، ولا يمكن أن يكون ذلك إلا بإعطاء الأمانات والبلديات السلطات الكاملة لحل مثل ذلك، وذلك عن طريق لائحة الجزاءات والغرامات البلدية. ومن المعروف أن تحصيل الغرامات والجزاءات لا يصب في صالح ميزانية الأمانة أو البلدية (الباب الثالث)، ومن المنطقي والمعقول أن الجزاءات والغرامات التي تفرض لصالح (إصلاح تلفيات) أو قص في الأسفلت مثلاً يجب أن تذهب لصالح ميزانية صيانة هذا الأسفلت، والكم الهائل من المخلفات يجعل ميزانية الأمانة أو البلدية كلها تصب لإصلاح هذه المخالفات والآثار التي تنجم عن حفريات الخدمات وترقيعاتها.. ومن المنطقي جداً أن تكون هذه الغرامات مورداً من موارد صيانة الأسفلت والأرصفة وغيرها.. ومن المنطقي أن يتم فرض غرامات على الشركات والمقاولين الذين يقومون بإلقاء المخلفات في أي أرض فضاء، والكم الهائل من مشاريع الخدمات ومخالفاتها اليومية يمكن أن يكون مورداً من موارد التشغيل والصيانة والنظافة والإصحاح البيئي للمدن؛ ذلك لأن الآثار التي تنجم عنها هي ما تقوم الأمانات والبلديات بمعالجتها. إنني هنا أقترح آلية أتمنى من المسؤولين في وزارة الشؤون البلدية والقروية، وخاصة وكالة الوزارة للتخطيط والبرامج وكذلك وزارة المالية، أن يدرسوها:

1 - أن يكون إيراد الجزاءات والغرامات من موارد البلدية الذاتية، وذلك يحقق الأهداف الآتية:

أ - إيجاد مورد مستمر لمعالجة ما ينتج عن سوء التنفيذ لمشاريع الخدمات التي هي في الأساس مشاريع خدمية لا يمكن الاستغناء عنها، ولكن مقاولي التنفيذ يهملون في تنفيذها طمعاً في المزيد من الأموال التي يتم تنفيذها للخدمات بغض النظر عن جودة التنفيذ ما دامت جهات الخدمات هي المسؤولة فقط عن تمديد الخدمة وإيصالها بغض النظر عن جودة إعادة السفلتة.. وفرض هذه الغرامات وتحويل إيرادها إلى ميزانية صيانة الشوارع في المدينة يضمن إن شاء الله زيادة قابلية الأمانة لتطبيق هذه الغرامات بحماس ما دامت هي بحاجة إلى موارد لصيانة شوارع المدينة التي تتلف سنوياً بسبب إهمال شركات تمديد الخدمات. وإيراد الغرامات والجزاءات حالياً يصب في قنوات أخرى ضمن الميزانية العامة وليس فيما هو الهدف منها وهو إصلاح الشوارع التي يتم تدميرها. وأن يضاف إلى الغرامات أيضا تكلفة إصلاح آثار التدمير، وإزالة المخلفات التي يتم إلقاؤها سنوياً من قِبل مقاولي تمديد الخدمات ومقاولي البناء، وهي حركة مستمرة ودائمة. وهذه الجزاءات إذا تم حسابها لمدينة متوسطة (عدد سكانها نصف مليون نسمة) فإنها ستكون شيئاً كبيراً، فإذا فرضنا أن هناك (100) مخالفة يومياً (مخالفات بناء، إلقاء مخلفات، مخالفات إعادة سفلتة...) وأن معدل قيمة المخالفة مع إزالتها هو 1000 ريال فإن هناك 100 ألف ريال يومياً، وحوالي 3 ملايين ريال شهرياً، أي أكثر من 35 مليون ريال سنوياً. وقد يقول قائل إن هذه المخالفات هي على كاهل المواطن، ولكن العكس هو الصحيح؛ فهي على شركات تأخذ حقوقها كاملة على أنه ليس هناك أي مخالفة وأي تجاوز، وهذه الغرامات هي رد لهذا الهدر وهذه الأموال التي تصرف لهذه الشركات إلى مسارها الصحيح وهو صيانة ونظافة شوارع وميادين المدينة التي تضررت بسبب هذه المخالفات.

ب - إن الهدف الأساسي من ذلك ليس هو تحصيل الأموال، وإنما فرض رقابة ذاتية من المدينة نفسها بمجتمعها وكافة أفرادها وشركاتها ومؤسساتها، والحفاظ على مرافقها من العبث ومن التدمير، والحفاظ على الاستثمارات الضخمة التي أُنفقت على هذه المرافق بمجملها.

2- من الممكن جداً دراسة برنامج لتحصيل الجزاءات والغرامات على المخالفات إلى شركة أو مؤسسة متخصصة، وأن تأخذ نسبة على تحصيل هذه الغرامات، فإذا تم تحصيل 30 مليوناً هناك نسبة 10%، وإذا تم تحصيل 50 مليوناً لها نسبة 20%، وهكذا؛ وذلك لتحفيز المحصلين على ضبط المخالفات اليومية والاستغناء عن الإجراءات الإدارية التي ترهق كاهل الأمانة والبلدية ومراقبيها، واقتصار دورهم على الدور الرقابي الفجائي فقط.



arac433@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد