Al Jazirah NewsPaper Friday  23/05/2008 G Issue 13021
الجمعة 18 جمادى الأول 1429   العدد  13021
حولها ندندن
الحكمة الإلهية
د. جواهر بنت عبدالعزيز آل الشيخ

أصدقك القول إنه كان يراودني في السابق بين الفينة والأخرى هاجس بشري ناقص، يدعمه وسواس خناس يجعلني أستكثر مسألة قطع يد السارق، متعاطفة مع الشخص المقطوع وأتمنى لو كانت هناك عقوبة أقل من هذه العقوبة القاسية، رغم إقراري بفداحة جرم السرقة.

حتى أراني الله تعالى حكمته العظيمة من العقوبات التي وضعت أساساً لفائدة البشر، وذلك حينما سلط علي من يتجرأ على سرقة أشياء ثمينة لي بل لعلها أغلى ما أملك، حيث تتكون من هاتفي الجوال الذي يحوي جميع المعلومات المهمة بالنسبة لي، إلى حد أن فقدها النهائي يكاد يجعلني إنسانة بلا هوية.

وكذلك سرقت في نفس الوقت مجوهرات هي أثمن ما أقتنيه، كما سرقت معها محفظتي التي تحوي جميع أوراقي المهمة، وبطاقات الصرف البنكية، وكروت المستشفيات الخاصة والعامة، وبعض الفواتير الضرورية.

كل ذلك تمت سرقته في لحظة خاطفة بأحد الأسواق، في إحدى الأماكن التي تخص النساء، مما أحدث لي إرباكاً كبيراً وحيرة لا حدود لها، وتنقلت بين الأمن والمصارف والاتصالات لإيجاد الحلول المنقذة وتعطلت مصالحي وأهملت أعمالاً ضرورية.

والمضحك المبكي في الأمر أني اضطررت أن أقبل مالاً قليلاً من متطوعة متعاطفة لا تعرفني، وذلك كي أستطيع على الأقل ركوب سيارة أجرة توصلني لأقرب مكان أعرفه لأن ذاكرتي لم تسعفني بتذكر أي رقم هاتف وذلك بعد أنظمة البرمجة.

وحينما بلغت هذه المرحلة من المعاناة اضطررت للدعاء من أعماقي على السارقة الأنانية المستهترة، وحينها تأكدت بدرس قاس أن التشريع الحكيم ما هو إلا رحمة للعالمين، وأن القصاص هو جزء مما يستحقه السارق والسارقة، أو المجرم والمجرمة عموماً حسب الجريمة التي ارتكباها.

فكيف بالله نرحم الجاني ولا نرحم المجني عليه؟! وكيف نطلب العقوبة المخففة التي قد تشجعه على استمراء ظلم الناس، وليس بالضرورة أن المجرم مسكين والمعتدى عليه مستغنٍ، فكم من مجرم صار ثرياً من أموال المحتاجين، وكم من جبار استقوى من المستضعفين. وكم من بطاش روع الآمنين، وكم من عديم الشرف لوث بيوت الصالحين.

فهل بالله ترضون أيها المعترضون على إقامة الحدود، بأن يأتي من يسرق ممتلكاتكم ويستولي على نتاج جهدكم؟ أم ترضون أن تربوا في بيوتكم أبناء زنى من نطف غيركم وليسوا من صلبكم وأنتم مستغفلون؟ أم يوافق الواحد منكم أن يصبح لقيطاً بريئاً ضائعاً حاقداً على المجتمع لاعنا والديه العابثين المتهورين؟ أو توافقون أن تفجعوا على فقد أحد أحبائكم دون أن يثأر الخالق لكم؟ وغير ذلك الكثير من الحكم الرحيمة العظيمة التي لا تكاد تصل إليها عقولنا البشرية القاصرة المتطاولة.



g.al.alshaikh12@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 9701 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد