Al Jazirah NewsPaper Friday  23/05/2008 G Issue 13021
الجمعة 18 جمادى الأول 1429   العدد  13021
الدولة السعودية لم يكن التعصب سبيلها ولا التشدد طريقها
مندل عبدالله القباع

نعم، لأن ديننا دين الحضارة والعزة والكرامة والإباء والعمران المادي والبشري، دين التقدم والرقي والازدهار، نراه واقعا مشهودا في بنية المجتمع وملحوظا في الواقع الفكري والسياسي لدى القائمين عليه.

ولأن ديننا وعقيدتنا ومذهبيتنا تحرص على بناء الإنسان عقلا ووجدانا متوازنا مع مقومات صنع الحياة حفاظا على هيبته وكرامته، وهذا ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض في أكثر من مناسبة.

ولأن هويتنا الثقافية امتداد لتراثنا وحضارتنا؛ فمنها نستحث الهمم لمواكبة أمور العصر حتى لا ننأى عن المواقف والأوضاع والأحداث الجارية في الواقع المعاصر.

ولذا فإن حاملي مشعل الحضارة ولواء العلم ومنهج البحث العلمي ومعطيات الثقافة ومقومات المدنية لا يمكن أن يرضوا عن دعوات التعصب أو التشدد؛ لأنه هبوط بالفكر والعلم والثقافة والخلق، وتدني بأسلوب التعامل والالتزام بالقيم والعهود.

وبناء عليه فإن مؤسس الدولة الأول المغفور له الملك عبدالعزيز أراد لها أن تكون وسطية التوازن والاعتدال، كما ورد في ثقافة الإسلام وقوامها التوحيد والتوازن بين المسؤولية الفردية والمسؤولية المجتمعية نظراً لأن مناط المسؤولية هو عماد وجود الإنسان وبقائه، وبها تستقيم شؤون الاجتماع الإنساني في المجتمع وفي مختلف ميادين الحياة المادية والاجتماعية، وقد اهتم بهذا المعنى الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - فمن بدايات عهده الميمون في 1319هـ وقد حرص على تسيير مجرى الحياة على هدى علاقات متكاملة تؤمن بالله وبدينه الخاتم، وهو أساس راسخ من أسس الإسلام الدافعة للمعنى قدما في سلم التقدم المادي والحضاري.. هذا ويترسم خطاه أبناؤه البررة فها هم يسيرون على دربه في ظل صعوبات وتحديات العالم المعاصر (المقولم)، وللحق نشهد بأنهم ملتزمون بحمل الرسالة وهي مسؤولية تجاه أمن المجتمع الفكري والاقتصادي والاجتماعي، وحماية استقراره مع الوفاء بالضروريات الأساسية مما يؤهل مجتمعنا لنيل تلك المكانة المقدسة مكانة خير أمة أخرجت للناس، مكانة الأمة الوسط.

وتاريخنا تاريخ المملكة العربية السعودية يتصف بالاعتدال والحكمة والوضوح والطهر والنماء والشفافية والمصداقية والسياسة العقلانية وبفكر بعيد كل البعد عن التشدد أو التطرف.

ومن يتمعن في تاريخ المملكة يجدها مسيرة نجاح متواصلة تستلهم من الماضي قيمه الأصيلة وتأمل في المستقبل من الخطط الوطنية ومنهجها الذي لا يتعارض مع بعضها البعض مع عدم الانكفاء على ابتداع أيديولوجي أو تقليد تيار مذهبي من منطلق أن شريعتنا الغراء صالحة على الدوام لكل زمان ومكان، وهذا يؤكد اعتزاز الملك عبدالعزيز وإيمانه بخدمة هذا الوطن الكريم المعطاء فأداره بحكمة ووضع منهجية صائبة لتقنية المجتمع وتطويره بعيداً عن أي تيارات فكرية أو مدارس فلسفية أو تكتلات أيديولوجية أو نظم وضعية علمانية التي كان يعج بها القضاء السياسي والكيانات الفكرية، وفي عهده فلم يرضى منها شيئا، ولم يكن خياره سوى - رحمة الله عليه - إلا الأخذ بالشريعة الإسلامية وقيم الحضارة الإسلامية والتي تحترم كينونة الإنسان؛ كون أنه إنسان، حيث إنه إنسان مكلف بإعمار الأرض وتثمينها وتطويرها بعون من الله.

هكذا كان منطلق الملك عبدالعزيز في تأسيس المملكة الموحدة الآمنة المستقرة، وفي غضون ذلك كان مشروعه الحضاري الذي ينهض على ركيزتين أساسيتين هما: إنماء الداخل وعدم البناء الاجتماعي القائم على التنمية - والعلم - والاستقرار الآمن.

ودعم علاقات التواصل بالخارج على أسس متكافئة وتربة تحفظ على الإنسان السعودي عزته ومكانته وكرامته.

وها هم أبناؤه البررة يعلون البناء شامخا ويحرزون النماء ويحققون الاستقرار بناء على ما خلفه لهم من فكر ومنهج ونظام هذا المنجز العظيم للملك عبدالعزيز وضعه على خريطة أصحاب القيادة الكرازمية العالية؛ حيث يوصف من أعظم قادة العصر الحديث ومؤسس الدولة الحديثة بما لها من مكانة سياسية واقتصادية مرموقة على الصعيد العالمي.

فكم سعى الملك عبدالعزيز لوضع نموذج لدولة جديدة غنية تنهض على سواعد أبنائها وعلى الاستخدام الأمثل لما حباه الله به من ثروة طبيعية ساهمت - وما من شك - في التغير والحراك الاجتماعي بالمملكة، ويعزز مسيرة الرخاء ما يقوم به أبناء المؤسس العظيم من حسن إدارة الثروة البشرية التي تتحمل عبء التنمية المستدامة والتي تقود وتوجه لاجتياز الصعاب والتحديات من أجل تعزيز الإنجاز في جميع برامج التنمية والإنتاج.

ومن مآثر جلالته في بناء الدولة الحديثة أن اهتم بإدخال برامج التعليم الحديث والابتعاث من أجل تحصيل العلم في مجالات لم تكن متوافرة في المملكة، كما اهتم جلالته بالزراعة واستعان بالخبرة الأجنبية في شؤون الري والمياه، كما اهتم بمجال الصحة وأنشأ أول وزارة لها عام1370هـ كما اهتم جلالته بقطاع المواصلات باعتبارها شريان الحياة فتم تعبيد الطرق وإنشاء الموانئ البحرية، كما اهتم جلالته بقطاع البرق والبريد والهاتف، وكان أول اتصال أجري بين جلالة الملك والأمير سعود في الرياض في ذلك الوقت عام 1351هـ كما أنشأ جلالته (جيش الجهاد) ورئاسة الأركان الحربية. وكم كان لهذا من أثر فاعل في تكوين الدولة الحديثة.

فنحمد الله على هذه النعمة نعمة الإسلام ونعمة الأمن والأمان فلا طائفية ولا حزبية ولا تعددية ولا تكتلية فهذه عصفت بأهلها فحل الشقاق والخلاف فيهم فكان نتيجته أن قتلت الأنفس البريئة وشرد الأطفال والشيوخ والنساء. فمجتمع المملكة الكل يجمعهم لواء الإسلام كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- الكل يلتقي تحت قيادة قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد