Al Jazirah NewsPaper Tuesday  27/05/2008 G Issue 13025
الثلاثاء 22 جمادى الأول 1429   العدد  13025
في الإعلام المعاصر
د. عبدالله بن عبيد عباد العتيبي

الإعلام المعاصر منظومة مترابطة ومتكاملة، ولكل وسيلة إعلامية مجال معين هو ميدانها ومحل تأثيرها، ولا أحد ينكر دور الإعلام أياً كان في تشكيل المفاهيم وتوجيه العقول. لقد أصبحت وسائل الإعلام تغرس القيم والمبادئ في نفوس الجمهور خاصة من الناشئة، وتكمن المشكلة حينما يكون هذا الإعلام موجهاً إلى المجتمعات المحافظة كالمجتمع الإسلامي، حاملاً في طياته ومواده، قيماً مضادة ومفاهيم مغلوطة عن الدين والدولة، والمجتمع والعلاقات الاجتماعية؛ مما يخلق مشاكل عديدة كالتشكيك في ثوابتنا الثقافية الذي نتيجته ضعف الانتماء إلى الأمة وإلصاق كل تخلف وتأخر في الميدان الحضاري بموروثنا الثقافي وقيمنا التي نتخذ منها منهجاً نسير على ضوئه في مجتمعاتنا.

وأمام هذا المد الإعلامي العولمي الذي لا يخضع لسلطة لا بد من وقفة جادة ومتأنية لمنع آثاره السيئة أو للتقليل منها حسب القدرة والاستطاعة، والمجتمع المسلم وبالتالي الأمة المسلمة تملك من المقومات والوسائل ما يكون حصناً منيعاً من السقوط في أوحال الثقافات الوافدة؛ فالمسلمون يمتلكون منهجاً ونظاماً دقيقاً في جميع مناحي الحياة في جانب العبادة والعلاقة بين الخالق والمخلوق وفي سائر شؤون الحياة الدنيوية برهانهم على ذلك الوحي المنزل وأدلة العقول وشهادة الفطرة السليمة، ولو وجدنا الوسائل والأدوات الإعلامية الجادة التي ترتقي إلى مستوى المنافسة مع الآخرين لاستطاعت إيصال حقيقة الدعوة الإسلامية إلى أصقاع الدنيا التي لن تعدم المستجيب لها لأنها نداء الفطرة. إن ما يسلكه بعض المثقفين أو الكتاب أو حتى المؤسسات الإعلامية الإسلامية الرسمية وغير الرسمية من تلمس الآراء المرجوحة أو الشاذة في تراث الفقهاء الإسلاميين بحجة المتغيرات العصرية والضغوط الدولية هو في حقيقته هزيمة نفسية وتراجع لا مبرر له؛ فهو لا يحل المشكلة بل هو أخذ في طريق الانحدار إلى فقدان الهوية الذي يساوي العدم.

إن الأمة الإسلامية تحمل رسالة عالمية وهذه حقيقة يجب أن نعيها جيداً؛ وبالتالي نحن مأمورون بالتقدم لا بالتأخر؛ فالعالم اليوم يعيش أزمة روحية وأخلاقية تتقاذفه فلسفات الشقاء والألم، والمسلمون يملكون الحلول الجذرية لرفع تلك المعاناة، والإعلام بشتى وسائله هو الطريق الأيسر في الوصول إلى أنحاء العالم المختلفة والتحدث إلى المجتمعات بلا واسطة؛ فحاجة العالم اليوم إلى إعلام راشد واع يعمل على الدفاع عن الثوابت الإسلامية بكافة تفاصيلها والعمل في نفس الوقت على إيصال الصورة الحقيقية للإسلام وتوجيهاته للأمم والأفراد في شتى مجالات الحياة المتنوعة، وهذا الأمر يتطلب جهداً كبيراً ومشاركة فاعلة من المؤسسات الإسلامية الكبرى الحكومية والأهلية، على حدٍ سواء، وهذا الأمر واجب على من يملك القدرة؛ لأنه داخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو من التعاون على البر والتقوى المأمور به كل مسلم حسب استطاعته.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد