Al Jazirah NewsPaper Tuesday  27/05/2008 G Issue 13025
الثلاثاء 22 جمادى الأول 1429   العدد  13025
الحل يبدأ من الداخل

من أهم الدروس التي يمكن أن نخرج بها من الأزمة اللبنانية التي انتهت باتفاق الدوحة، ومن ثم انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، هو أن الأزمة ما كان لها أن تحل لولا وجود الرغبة لدى الفرقاء في إيجاد مخرج لأزمة كادت أن تهلكهم وتهلك أنصارهم بحرب أهلية مدمرة. فالحل يبدأ عندما يقتنع الفرقاء بأهمية اعتماد الحوار والدبلوماسية وتقديم التنازلات للوصول إلى حل وسط، عوضاً عن استخدام لغة الحرب والتخوين والتشكيك التي تشيع جواً من الشحناء، وتفضي إلى استخدام السلاح للاعتداء على الآمنين.

وما حدث في لبنان يبشر بحلول مماثلة لأزمات المنطقة، ويُعدُّ أنموذجاً يمكن تطبيقه وتكراره في دول أخرى تعاني من أزمات وحروب استمرت لسنين بسبب غياب النيات الصادقة والرغبات الحقيقية في حلها. فهناك دول مثل السودان، والصومال، واليمن، والعراق، والخلافات بين الفلسطينيين، يمكن أن تتخذ مما حصل في لبنان مثالاً يحتذى.

كما أن التجربة اللبنانية أثبتت قدرة العرب على المساعدة في التوسط لحل الأزمات، شريطة أن يكون الفرقاء مقتنعين بالحل الدبلوماسي. فالمساعدة العربية لا يمكن أن تحل أزمة داخل إحدى الدول إذا اصطدمت بمواقف متصلبة من قبل الفرقاء. وهذا ما حصل بالنسبة لأمين الجامعة العربية عمرو موسى عندما قام بعدة زيارات إلى لبنان من أجل المساعدة على حل الأزمة. فمهما بلغت القدرات الدبلوماسية للوسيط، فإنه لن يستطيع أن يقدم حلاً على طبق من ذهب. وكل ما يستطيع أن يقوم به الوسيط، هو التقريب بين وجهات النظر، واقتراح الحلول، وما شابه ذلك. أما الحل والاتفاق النهائي فيرجع إلى الفرقاء، وقدرتهم على تقديم التضحيات من أجل إنقاذ بلدهم.

ومن المهم في هذا الشأن الاستمرار في التمسك بالاتفاق والسرعة في تنفيذ بنوده، فانتخاب سليمان رئيساً للجمهورية هو تنفيذ لأحد البنود، وليس كل الاتفاق، وبالتالي، فإن المضي قدماً في تنفيذ باقي بنود الاتفاق في غاية الأهمية، وإلا فإن الأوضاع قد تعود إلى المربع (واحد)، وخاصة إذا ما تشدد الفرقاء في التفاصيل وغرقوا في فيها. ولطالما استمرت بعض الأزمات في المنطقة على الرغم من وصول المتنافسين إلى اتفاقات حل بسبب المماطلة في تنفيذ البنود والتشدد في بعض التفاصيل للتملص من استحقاقات الاتفاق.












 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد