Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/05/2008 G Issue 13026
الاربعاء 23 جمادى الأول 1429   العدد  13026
مركاز
يا ناعم العود
حسين علي حسين

ما الذي جعل المواطن السعودي هكذا، الرجال كأنهم حوامل والنساء كأنهن بالونات والأبناء المراهقون والشباب عمالقة مترهلون، هل هي ثقافة المائدة الحديثة، أم هي الراحة والكسل وقلة الحركة، فالكل هناك من يطقطق لهم ظهورهم ويعدل لهم طولهم ويمشيهم على الأرض، ولولا أن لذة الطعام في تناوله، لجلبنا من يلقمنا على السفرة!!

يقول تقرير نشر قبل أيام (الرياض العدد 14438): (إن سكان المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة يتصدرون قائمة الشعوب التي تتناول الأطعمة القليلة الدسم، وبأنهم أكثر حرصاً على خفض أوزانهم والانتساب إلى الأندية الرياضية واستخدام المعدات الرياضية في منازلهم)، هذا الكلام لو كان صحيحاً فإنه سوف يسعدنا، لكن الحقيقي هي أن هذا الكلام يدخل أيضاً من باب الترف الذي نعيش، ففي المنازل التي يتمتع سكانها بدخل جيد، توجد المسابح والأجهزة الرياضية وبعضها تضم مضماراً للمشي، لكن الحقيقة - مرة أخرى - هي أن الجهاز يشترى ثم يستخدم شهراً أو شهرين، ثم يوضع في الركن، أما المسبح فهو للترفيه مع أفراد الأسرة والأصدقاء لعدة أيام في العام، وهناك من هو مدمن من هذه الفئة على الأكلات الدسمة، وحالما يرى ملامح الكرش وانتفاخ الوجه، يبدأ في الدخول على الأكلات خالية الدسم، عبر مطاعم خاصة بهذه الفئة، تكلف في الشهر الواحد أكثر من ثلاثة آلاف ريال للفرد، واصلة المنزل أو للعمل، وهكذا يعيش ابن هذه الفئة عدة شهور على الأكلات المنزوعة الدسم، لكنه حالما يلمح بشائر الرشاقة يعود إلى الهامبورجر والمثلوثة والمضغوط والشوكولاته وغيرها، وربما هذا ما عناه التقرير المذكور، مجتمع قادر على الأكل بدون حدود وقادر على الامتناع عن الأكل بدون حدود، وكله بتكاليف عالية، ومخاطر أعلى.

عندما كنت شاباً كان وزني بالكاد ينطح الستين كيلوجراماً من الشحم واللحم والعظام والماء، لكن هذا الوزن بعد سنوات طالت، خصوصاً بعد الطفرة، زاد الوزن حتى قارب المائة، كل ذلك وأنا سعيد بهذه الصحة، سعيد بالملابس الفضفاضة والإقبال على المحمر والمشمر والمثلوثة والمربوعة، لكنني عندما ذهبت إلى الطبيب في زيارة روتينية، وكان لزاماً عليّ أن أنزع ملابسي، هناك عندما وقفت أمام بطني في المرآة، جاءني ما يشبه الغثيان، كان الكرش مدوراً وبارزاً، ولم انتبه لهذه الصورة التي اعتقدت أنني انتبهت إليها للمرة الأولى في العيادة، إلا والطبيب يقول لي: هذه آخرة الأكل بدون حدود والنوم بدون حدود والانقطاع عن الرياضة بدون حدود، ولم أعلق بكلمة واحدة، فقد عاهدت نفسي على إعادة الوزن إلى وضعه الطبيعي، لكن الحقيقة هي أنني مثل كافة المواطنين المذكورين أعلاه!!

إن حالنا مع السمنة والترهل، بدأ يترجم للأسف، في ارتفاع عدد مرضى السكر والضغط والقلب، وهي أمراض تكلف من يصاب بها الكثير من العناء والقليل من الراحة، وتكلف الدولة الكثير من المال، لكن هذا كله كان من الممكن تجنبه، لو كان لدينا ترجمة عملية لهذه المؤشرات، بتكثيف الدراسات البحثية والميدانية، وبتقديم البرامج التوعوية في المدرسة والعمل والشارع، وبتكثيف أماكن ممارسة المشي وكافة الرياضات، في المدارس والحدائق والنوادي وأماكن العمل، وبحث الناس على تغيير بعض الأنماط الحياتية المدمرة، وبالذات الغذائية، فنحن للأسف من أكثر الشعوب استهلاكاً للحوم والأرز، وأبرز هذه اللحوم الهامبورجر وأبرز أنواع الرز الكبسة، حيث الشحم واللحم، والمؤسف أننا نقبل على هذه المدمرات للصحة ثم نذهب حالاً إلى السرير!.



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5137 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد