Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/05/2008 G Issue 13026
الاربعاء 23 جمادى الأول 1429   العدد  13026
وطننا... هو حياتنا
د. عبد الملك بن عبد الله زيد الخيال

خلق الله تعالى الإنسان وميزه عن سائر مخلوقاته بالعقل واستخلفه في الأرض بعد أن أودع فيها كل احتياجاته التي تعينه على استمرارية الحياة، وإن الأرض.. الوطن هو حياتنا، خواطر لم تفارق وجدان قادة هذه البلاد الأفذاذ الذين تولوا قيادة الإنجازات من بعد المؤسس.....

..... العظيم لهذه المملكة التي تقف كالطود الأشم، وتعلو كالنجم الزاهر، وتفيض بالخير كالنهر الفياض حتى شهد لنا التاريخ بما وصلنا إليه من تقدم ورخاء، لذلك نحن اليوم نسجد لله تعالى شكراً على ما حبا أرض بلادنا من خيرات، مدفونة فيها منذ الأزل، وعلى ما هيأه لنا قادتنا من أمن واستقرار في أرجاء مملكتنا المترامية الأطراف.

والحمدلله نحن اليوم أسرة واحدة وقلب واحد، ومن منطلق أن اليد الواحدة لا تصفق، وبما أن هناك رجالا يخدمون بلادنا تملأ جوانحهم عزيمة صادقة وتدفعهم إرادة قوية، وتحركهم الثقة المطلقة التي وضعها فيهم قادة هذه البلاد، من هؤلاء صاحب المعالي وزير التربية والتعليم وصاحب السمو الأمير تركي بن ناصر رئيس الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة الذين أذكرهم بأن حضارة الأمم تقاس وتعتمد على العقل البشري والعطاء الإنساني، وأن مسؤوليتنا مشتركة تجاه الكوكب الذي نعيش فيه وكذلك وطننا الذي نريده أكثر نظافة والهواء فيه أكثر نقاء والمياه نظيفة وغير مهدرة.

لهؤلاء الرجال أرفع هذا السؤال: هل يرضيكم بأن يطلق علينا شعب غير متحضر، كما ذكرت في مقال سابق بعنوان (دور وزارة التربية والتعليم في غرس الوعي البيئي في نفوس الطلاب) الذي نشر بجريدة الجزيرة بتاريخ 20 من مايو 2008م وفيه طرحت عدة مقترحات منها عقد مسابقات سنوية للمدرسين والطلاب لكتابة بحوث بيئية، وإنشاء جمعيات خدمة البيئة في كل مدرسة، وخلق مفهوم التطوع والرحلات البيئية وغير ذلك.

وبما أن الأطفال هم الغد والمستقبل، لأن أطفال اليوم هم شباب الغد وآباء ومسؤولي المستقبل، ومسؤوليتهم الحفاظ على ما لم يستطع الكبار الحفاظ عليه، وأن البيئة النظيفة هي إحدى نعم الله علينا والحفاظ عليها واجب سيحاسبنا الله عنه يوم القيامة.

ومن منطلق غرس حب الوطن عند الناشئة وترسيخ مفهوم الانتماء البيئي والوطني، وأن المواطن جزء منه يؤثر ويتأثر به، ومن أجل رفع مستوى الوعي البيئي من أجل المحافظة على البيئة الطبيعية ومواردها الحية، ومن واقع ضرورة تفعيل المشاركة الفاعلة لجميع الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة.

ومن أجل ذلك يحق لي اليوم أن أتساءل هل يمكن أن يكون هناك تعاون وتنسيق على مقياس كبير بينكم من أجل الوطن؟. لرفع الوعي بقضايا البيئة، وخاصة برفع وعي أهم شريحة في المجتمع وهم الأطفال من طلبة وطالبات، وذلك بإقامة حملة مستمرة وأكرر حملة مستمرة في المملكة العربية السعودية باسم (وطننا... هو حياتنا) للتربية البيئية، وفيه يتم تذكير الأطفال بأنه لابد أن نحب بيئتنا حتى نغير حياتنا إلى الأفضل، والتي ستهدف إلى رفع وعي الأطفال وأولياء الأمور والمواطنين عامة بالقضايا البيئية ذات الأولوية للمملكة مثل: التشريعات والقوانين البيئية وصناعة القرار، وظاهرة تغير المناخ العالمي (الاحتباس الحراري)، وإدارة الموارد المائية وأمن المياه، وإدارة المخلفات الصلبة، وتقدير قيمة البيئة مع التركيز على دور التربية البيئية في التنمية المستدامة، التنوع الإحيائي، المراعي والغابات، الحياة الفطرية، الكائنات الدخيلة (الغازية)، أمن الهواء، جودة التربة، الطاقة الأحفورية والطاقات البديلة، الزراعة والغذاء، الصحة العامة، صحة البيئة، النمو السكاني، التصحر وآثاره، التلوث وآثاره، إدارة النفايات الخطرة، المخاطر البيئية.

كما يجب أن تتضمن الحملة إقامة أنشطة عملية وفنية موجهة للأطفال في المدارس السعودية بجانب تنظيم معارض مفتوحة في كل مدرسة للمنتجات صديقة البيئة التي يمكن أن تعرض فيها مختلف النشاطات في مجال المحافظة على البيئة.

ونبدأ برنامج الحملة بإثارة بعض التساؤلات بحيث نشرك الأطفال في جميع المدارس بالرد عليها مثل، ما هي كمية المخلفات الصلبة اليومية لمدينة الرياض أو جدة أو مكة أو المدينة المنورة أو الطائف أو أبها أو الدمام أو الخبر وبقية المدن السعودية، وقد تأتي الأرقام التي يقولها الأطفال أقل كثيراً من الواقع، ويمكن أن تسأل كل أمانة أو بلدية مدينة سعودية عن كمية المخلفات الصلبة اليومية، وعلى سبيل المثال، هل تصدقون ارتفاع نسبة المخلفات إلى ما يزيد عن 12 مليون طن سنوياً تنتجها نحو 169 مدينة سعودية، وأن مدفن النفايات لمدينة الرياض فقط يستقبل 11 ألف طن من النفايات والمخلفات يومياً لطمرها، إنه رقم كبير يدل على أننا دولة مستهلكة فقط، وهذا الرقم سيتقلص كثيراً، لو كان لدينا جميعاً وعي بيئي.

فبالوعي البيئي قد لا نحتاج لخبراء من خارج بلادنا، وتذكروا أننا نسعى جميعاً للحفاظ على البيئة والمساهمة في منع تلوثها والحد من تدهور مواردها الطبيعية حماية لنا ولأجيالنا واقتصاد بلادنا.

كما يمكن أن يوجه الأطفال إلى سلوك إيجابي في المنزل حول فصل المخلفات على أن يكون كل ما هو عضوي في مكان وكل ما هو غير عضوي في مكان آخر، وبيان أنه يمكنهم بمعالجات بسيطة تحويل البقايا العضوية من بقايا الأطعمة والعظام إلى سماد لتغذية حديقة منزلكم أو مدرستكم، وذلك بجمعها في كيس بلاستيكي وتترك لتتخمر في الشمس، ثم بعد ذلك تحفر حفر بجانب الأشجار، وتدفن فيها تلك النفايات المخمرة، التي هي عبارة عن سماد عضوي قوي وفعال يغني عن الأسمدة الكيماوية.

أما النفايات غير العضوية فيبين للطلاب أنه عن طريق تجميع المخلفات المعدنية والورقية والزجاجية وبيعها يمكنهم من زيادة دخلهم بحيث يصبحون مستقلين مالياً، وبذلك يصبحون عوناً لعائلهم بدلا من أن يكونوا عبئاً عليه، ويمكن بتلك الطريقة أن تدر على العائلة أو المدرسة أموالاً، فمثلاً طن العبوات المعدنية للمياه الغازية يباع بأكثر من أربعة آلاف ريال، والذي يعتبر مبلغا مناسبا للاهتمام بالمدرسة أو العائلة وشراء ما ينقصها، كما أن النفايات الورقية والكراتين الفارغة تباع بمبلغ خمس وعشرين هللة للكيلو الواحد، ولذلك إذا علم أطفال المملكة العربية السعودية كيفية قضاء أوقات فراغهم بجمع البقايا المعدنية والمخلفات الورقية والزجاجية وغيرها للاستفادة المادية سنجد أن من سيساعد في إصلاح حال السعودية هم أطفال السعودية لأنهم الرصيد المضمون للسعودية في بنك المستقبل.

لذلك في تلك الحملة يعرف الطلاب بكيفية إنشاء مشاريع للاستفادة من النفايات المختلفة، وذلك ليس بكيف يمكن أن ننشئ شركات طلابية في المدارس والأحياء المختلفة في المدن والقرى السعودية لتجميع بقايا العبوات المعدنية والورقية والزجاجية، ولكن بالإنشاء الفعلي لتلك الشركات الطلابية في كل مدرسة، وجعلها واقعاً ملموساً، والدخل المادي لتلك الشركات الطلابية يوزع على الطلاب في نهاية كل عام، تصوروا لو كل طالب بجانب استلامه شهادته في نهاية العام يتسلم شيكاً بمبلغ خمسة أو عشرة آلاف ريال، أو أكثر تساعده في تحقيق بعض أحلامه.

وبجانب ما تقدم يجب أن تبين جهود المملكة في ترشيد استخدام المياه والحفاظ على البيئة من التلوث، وحبذا لو أقيم معرض للمنتجات البيئية المتميزة تشارك فيه بعض المؤسسات والجمعيات الأهلية التي تعتمد على عرض منتجات من مواد وخامات معاد تصنيعها وتدويرها، ويمكن للشركات الطلابية مستقبلاً من تصنيعها.

ويبين لهم أنه يجب ألا تكون تنمية الصحراء فقط بالزراعة ولكن باستحداث التكنولوجيا ومصادر الطاقة، وكذلك بالاهتمام بالنواحي الاجتماعية، كما يجب بيان أن الطاقة الشمسية هي طاقة المستقبل وأنها متوفرة في الصحراء معظم أوقات السنة.

وتقام ورش عمل في كل مدينة وقرية سعودية عنوانها (التربية البيئية: تحد ومسؤولية الجميع) يحضرها جميع الأطراف المعنية بقضية التربية البيئية في السعودية بهدف اكتشاف أرضية أهداف مشتركة وتطوير خطط عمل تعاونية.

وكل عام يتم تكريم بعض الشخصيات التي قامت بمبادرات لخدمة البيئة في بلادنا مثل صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمين -حفظه الله- وغيره من الشخصيات البارزة، وعرض قصص النجاح لبعض الأفراد والهيئات في مجال حماية البيئة.

أخيراً أقول أرجو أن يكون صاحب المعالي وزير التربية والتعليم وسمو الأمير تركي بن ناصر رئيس الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة يحلمون معي، بالعيش في بيئة سعودية يفتخر بها الجميع، كما أرجو ألا يكون ما قاله أحدهم لي أن التعاون بين الجهات الحكومية معدوم، لأني أعرف أن هناك جهودا تبذل من أجل إدراج مادة التربية البيئية ضمن المناهج التعليمية بهدف توعية الجيل الناشئ بأهمية البيئة والحفاظ عليها.

كما ارجو من وزارة البلديات والشؤون القروية بأن تخصص يوم الخميس من كل أسبوع ليكون يوماً يتخلص فيه الأهالي من جميع النفايات الورقية، وكذلك الأثاث التالف أو المستغنى عنه بوضعه في المكان المناسب بجانب حاويات النفايات.كما أرجو وضع حاويات مختلفة للمواد العضوية، وحاويات للورقيات، وحاوية للمعلبات المعدنية، وحاوية للزجاجيات في كل حي من الأحياء في كل مدينة وقرية. وتلزم شركات التدوير بإنشائها، حتى يمكن الاستفادة منها، ويسهل التعامل مع تلك النفايات.

ولكم تحياتي. والله من وراء القصد



abdulmalikalkhayal@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد