Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/05/2008 G Issue 13026
الاربعاء 23 جمادى الأول 1429   العدد  13026
مؤشرات مهمة لتفهم مشكلة البطالة(1) !
د. زيد المحيميد

ذكرت منظمة العمل العربي أن مشكلات البطالة منتشرة في كافة بلدان العالم دون استثناء، مع تباين في معدلاتها، غير أن البيانات والمؤشرات الحديثة والمتوفرة من مختلف المصادر العربية والدولية الموثوق بها أشارت إلى أن المعدل العام للبطالة.....

في المنطقة العربية هو الأعلى بين مناطق العالم حيث بلغ 14% ليتجاوز حجم العمالة العربية العاطلة عن العمل 17 مليون عامل، كما تسجل المنطقة العربية أعلى معدل للبطالة بين الشباب والمعدل الأعلى بين الإناث والمعدل الأعلى بين المتعلمين.

إن عضوية المملكة في منظمة التجارة العالمية تتطلب توفر أسواق عمل محلية مناسبة وقوى عمل بشرية عاملة وفعالة ومستعدة لمواجهة التحديات الجديدة ومتزامنة مع النمو السكاني السريع للفئة العمرية من الجيل الجديد، والتوقعات الجديدة والتي تشير أن هناك ما يزيد عن 300 ألف وظيفة في المدن الاقتصادية، وهي وظائف عالية الدخل، والسعي الطموح من القياديين في هذا البلد لتحقيق تنمية اجتماعية واقتصادية مستمرة تسهم وبشكل كبير في تخفيف حدة البطالة المتنامية وبشكل مطرد، فقد أظهرت نتائج البحث أن عدد العاطلين عن العمل بلغ 453.994 فرداً في النصف الثاني من عام 1428هـ، مقارنة بـ445.198 فرداً في النصف الأول من العام نفسه، بارتفاع قدره 2% تقريباً (الكاتب عبدالله دحلان، جريدة الوطن، العدد 2732)، على الرغم من أننا حصلنا على مراكز متقدمة عالمياً في البطالة، فيجب على الأقل أن تكون هناك محاولات جادة ورائدة في تقديم الحلول......

من الممكن التعرف على مؤشر البطالة عن قرب بواسطة السجلات الإدارية من الجهات ذات العلاقة بعملية التوظيف مثل مكاتب العمل، وديوان الخدمة المدنية، وغيرها، والمتتبع لأحوال البطالة ومسبباتها بالمجتمع السعودي يلاحظ أنى هناك مؤشرات - في نظري - تحتاج إلى وقفات صادقة من عدة جهات، وتلك المؤشرات تدل بصورة مباشرة في وجود وزيادة معدل البطالة لدينا منها:

* البطالة الموجودة بين الشباب المتعلم سواء في التعليم العالي أو التدريب التقني في ظل وجود عمالة عربية وأجنبية في المملكة يعني أن مخرجات تلك المنظمات التعليمية لا تلبي حاجات سوق العمل، أو أن هذا الجيل لديه نزعة الإحباط وغموض المستقبل، وبالتالي نزوعه مبكرا للكسل واستبطان الفشل.

* العمالة الرخيصة من الدول العربية، وبعض الدول الآسيوية لبعض التخصصات والتي يوجد فيها كم من المتخصصين الوطنيين منها الطبيب البيطري، ومختلف التخصصات التعليمية والخاصة في التدريس، وبعض التخصصات الزراعية، والتقنية، والمهنية، وغيرها، وما فعلته الحكومة من رفع تكلفة العمالة ينبع من هدف إستراتيجي وهو البحث عن البدائل الممكنة من الشباب السعودي، وهذا ما فعلته مملكة البحرين من فرض ضريبة عن العمالة الأجنبية....

* قلة الوعي لدى أصحاب العمل فيما تتعلق بالجودة وثقافة الجودة، فمن الملاحظ أن الكثير من المنتجات الوطنية الرخيصة وخاصة الغذائية وبعض المنتجات الصناعية منخفضة الجودة والسبب العمالة الأجنبية الرخيصة التي يعملون فيها، بينما نجد ابن الوطن غير مرغوب فيه في تلك المصانع، وقد كشفت وزارة العمل عن إصدار قرار ضد 300 شركة ومؤسسة، بعد تهربها من تطبيق السعودة يوجد فيها أكثر من 100 عامل والسعودة فيها صفر (جريدة الاقتصادية، 10 ربيع الثاني 1429هـ)...

* ثقافة الأسرة السعودية ما قبل الطفرة تختلف جذرياً ما بعد الطفرة الأولى فأثر ذلك وبشكل سلبي على الكثير من الوظائف في سوق العمل، وإن كنا نشهد تقدما نسبياً لدى فئات من الشباب.

* غياب مادة التوجيه والتربية المهنية لطلاب التعليم العام مما أدى إلى قلة الوعي المهني للشباب، وعدم إقبالهم على بعض التخصصات الضرورية للمجتمع كالكهرباء والتبريد والتكييف والتصنيع الغذائي وهندسة الإنتاج والإلكترونيات والإنتاج الغذائي، وغيرها.....

* غياب التوجيه والإرشاد الوظيفي للعاطلين عن العمل.

* التدني الواضح للأجور وانخفاض المميزات والظروف التي يقدمها سوق العمل، مع وجود طلب على العمل الذي يطلب ساعات قليلة لتخفيض تكلفة العمالة، مما أدى ببعض الشباب إلى البحث عن أعمال إضافية.

* لدى كثير من الشباب تصور مفاده بأن القطاع الحكومي هو الأفضل والأصلح له، وهذا مما جعل الكثير من الشباب يتركون أعمالهم المؤقتة - في نظرهم - لدى سوق العمل والاتجاه إلى القطاع الحكومي في أقرب فرصة ممكنة، وهذا مما جعل الفجوة تزداد بين أرباب العمل والشباب...

* عدم إدراك بعض الجامعات والكليات إلى أهمية إيجاد وظائف مناسبة لخريجيهم الجدد في سوق العمل شديد المنافسة اليوم.

* الشباب المحبطين (Discouraged Workers) الذين فقدوا وظائفهم في سوق العمل، ولم يبذلوا قصارى جهدهم بالبحث عن وظيفة تناسب ميولهم وقدراتهم بسبب قناعتهم بعدم جدوى البحث عن عمل ليأسهم في الحصول على وظيفة مناسبة والحفاظ عليها..

* مرور السعودة الوهمية بنجاح على الأنظمة من قبل الكثير من المؤسسات بحيث يتم عن طريق تلك الآلية تبرير الاستقدام.

* النقص الواضح من أصحاب الكفاءات العالية من السعوديين في سوق العمل، وما يرتبط بذلك من عدم الاتصاف بقيم العمل والإنتاج ومن ذلك (القدرة على التكيف، الاعتماد على النفس، تحقيق الذات، مهارات التفكير، سباقاً في التغيير، معرفة آلية عمل المؤسسات وإدارتها باقتدار، القدرة على ترجمة النظرية إلى تطبيق...)، ويؤكد ذلك في تصريح حديث لوزارة العمل عن البطالة تقول أن معظم العاطلين (90%) غير مؤهلين ويجب على الآباء تعليم أبنائهم.

* عدم حصول الشباب والشابات على الحماية القانونية، ويصعب عليهم الحصول على تقييم دقيق من قبل سوق العمل.

* ضعف إسهام أرباب العمل في تطوير المناهج والحقائب التدريبية في التعليم العالي والتدريب التقني.

* لا توجد دراسة واضحة تبين الفترة التي قضاها العاطل عن العمل بدون وظيفة مناسبة لإمكاناته، وطموحه.

* الإقبال المتزايد للعمل بدول الخليج العربي كالكويت وقطر والإمارات.

ما سبق طرحه عبارة عن مؤشرات موجودة في عالمنا اليوم، ولكن يبقى الحل فقط في أروقة وزارة العمل، والجهات ذات العلاقة لتخفيف حدة البطالة..وللحديث بقية.

كاتب وأكاديمي سعودي


zeidlolo@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد